إكسبو دبي.. إكسبو العرب والعالم
حقق معرض إكسبو 2020 دبي معادلة قلّ نظيرها، ليس فقط من حيث التميز في حجم المعرض الذي يتوقع أن يستقطب 25 مليون شخص خلال الأشهر الستة المقبلة ومشاركة 192 دولة، بل من حيث النجاح الكبير في ظروف استثنائية يمر بها العالم أجمع، لكن كل ذلك متوقع في دولة مثل الإمارات.
والحقيقة أن ما لفتني خلال زيارتي لهذا المعرض هو المشاركة العربية، إذ على الرغم من الأوضاع التي تمر بها الكثير من الدول العربية، سواء بسبب جائحة كورونا أو بسبب أوضاعها الداخلية، فقد حرصت على المشاركة في هذا المعرض وتقديم أجنحة رائعة تواكب المستوى الرفيع لمعرض إكسبو دبي.
ليس ذلك فحسب بل إن تلك الدول العربية في معظمها تعاملت مع المشاركة في إكسبو دبي كأنها تشارك في معرض على أرضها، أي أنها حرصت على تقديم الأفضل ضمن هذا الحدث واعتبرته إنجازاً لها ضمن الإمارات البلد الذي يمثل جميع العرب. سأتحدث عن انطباعاتي بعد زيارتي للمعرض وعن بعض تلك الأجنحة العربية التي حققت تميزاً كبيراً، فقد لفتني الجناح المصري الذي يمثل تاريخ مصر العريق من خلال نقوش فرعونية وتماثيل تُظهِر ملوكَ الفراعنة، كما أن تصميم المبنى جميل ويعكس وجه مصر الحضاري ويحاكي أهرامات الجيزة، وحضارة آلاف السنين، كما يقدّم الجناح عشرات الفعاليات التي تظهر أوجهاً متعددةً.
وكذلك الجناح السعودي المتميز الذي قدّم تاريخ المملكة، والذي يدهشك بتصميمه الفريد، وما يقدّمه للزوار من انعكاس لثقافة السعودية وتقاليدها العريقة. ومن المنطقة المغاربية يبرز الجناح المغربي الذي مزج بين تاريخ المغرب وأصالته من جهة وبين الحداثة والتطور. وبرزت أيضاً العديد من الأجنحة العربية الأخرى التي يجب أن نزورها في معرض إكسبو، وكلها تعكس اعتزاز تلك الدول بدولة الإمارات وتصنيف نجاحها بمثابة نجاح لتلك الدول التي شاركت بكل طاقتها لتواكب الحدث.
بعد زيارتك لإكسبو 2020 دبي تخرج بصور عدة، لكن أكثر ما يسيطر على تفكيرك هو القدرة على الإدهاش، كما الإتقان الاستثنائي والمقاييس العالية للمعرض، مما أثَّر على مستوى المشاركة لكي تكون أيضاً مواكبةً لهذه الاستثنائية في الإتقان والإبهار، حيث إن أجنحة الدول المشاركة قدّمت هي كذلك جهوداً كبيرة لمواكبة مقاييس إكسبو 2020 دبي.
وبالنسبة لنا في دولة الإمارات فقد اعتدنا على المقاييس العالية في التخطيط والتنفيذ وكافة مناحي الحياة، حيث إن مستوى الخدمات في مدننا استثنائي، وكذلك دوائر الدولة التي رفعت المستوى ليصبح اهتمامها ينصب على تحقيق رفاهية المواطن والمقيم، لكل ذلك تجد أن الشركات الخاصة تلك التي لها عدة فروع في دول عدة تبذل المزيد وتقدم مستويات أرقى للعمل والمنتجات والخدمات عندما تفتتح فروعاً لها في الإمارات. وكل ذلك انعكس في إكسبو 2020 وفي أجنحة الدول المشاركة.
الأكيد أيضاً أن إكسبو 2020 قد نقل هذا الحدث الكبير إلى مراحل متقدمة، وأضاف معايير جديدة لهذا المعرض الدولي، حيث إن الدولة التي ستقوم بتنظيمه بعد سنوات خمس يجب أن تواكب ما قدمته دبي من معايير عالية الطراز على كافة الأصعدة، فهذا المعرض الذي بدأ تنظيمه في القرن التاسع عشر ليقدم فوائد ثقافية واقتصادية للدولة المضيفة ولكافة الدول المشاركة، يقام الآن في الإمارات بعد أن مر العالم بأسره بضائقة وأزمة بسبب وباء كورونا، ليمثل إكسبو دبي بداية الانطلاقة نحو النهوض والنمو من جديد وليكون بمثابة قاطرة البداية نحو استعادة الازدهار العالمي، ومؤشراً دولياً على عصر جديد في تاريخ البشرية.
*كاتب إماراتي