جاء إعلان مؤسسة «بلومبيرج» عن تجديد التزامها نحو مبادرتها الكبرى الخاصة ببناء بيئة صحية وأكثر أمناً للحياة في المدن، في شكل ضخ 31 مليون دولار إضافية في هذه المبادرة، ليؤكد على أهمية البيئة المدنية في زيادة الرفاهية ورفع مستوى السعادة للقاطنين في تلك المدن، وذلك من خلال شراكة مع ست مدن هي: القاهرة، وبوخارست، ودبلن، ومانشستر، ووارسو، وقرطبة (بالأرجنتين).
وبذلك يتخطى مقدار ما تبرعت به مؤسسة «بلومبيرج» تجاه هذه المبادرة أكثر من 52 مليون دولار. وقد تم تأسيس هذه المبادرة في عام 2017، من قبل الملياردير الأميركي المعروف «مايكل بلومبيرج» البالغ من العمر 80 عاماً، وعمدة مدينة نيويورك السابق، وتعتبر جزءاً من مهامه كسفير نوايا حسنة لمنظمة الصحة العالمية فيما يخص الأمراض المزمنة غير المعدية.
وتشكل المبادرة المعروفة باسم «الشراكة لمدن صحية» (Partnership for Healthy Cities) جزءاً من إطار التعاون مع منظمة الصحة العالمية، ومنظمة أخرى تعمل في مجال الصحة الدولية تعرف باسم «الاستراتيجيات الحيوية» (Vital Strategies).
وتتضمن حالياً شبكة التعاون بين هذه المنظمات الثلاثة أكثر من 70 مدينة، يتم فيها جميعاً دعم ومساندة العمد، في تطبيق برامج وسياسات معروف عنها مساهمتها الواضحة في خفض احتمالات الإصابة بالأمراض غير المعدية، والوقاية من الإصابات والحوادث في مدنهم.
وتتجلى أهمية هذه المبادرة في حقيقة كون الأمراض غير المعدية، مثل أمراض القلب والشرايين، وداء السكري، والأمراض التنفسية، تتسبب مجتمعةً في 80 في المئة من الوفيات بين أفراد الجنس البشري. وخلال عام 2020 المنصرم، قامت «مبادرة الشراكة لمدن صحية» بدعم استجابة العديد من المدن أمام جائحة «كوفيد-19» الحالية.
وتأتي أهمية مبادرة شراكة المدن الصحية على خلفية مرور الجنس البشري بأكبر مرحلة حالياً في تاريخه من «التمدين»، أي الانتقال من حياة الريف إلى الحياة في المدن والحضر. فحالياً يعيش في المدن أكثر من نصف سكان العالم، ومع حلول عام 2030 يتوقع أن يبلغ عدد سكان المدن نحو خمسة مليارات نسمة، وفي عام 2050 سيصبح 64 في المئة من أفراد شعوب الدول النامية من سكان المدن، و86 في المئة من أفراد شعوب الدول الغنية من سكان المدن أيضاً.
وعلى ما يبدو فإن هذه الظاهرة لن تتوقف أو حتى تتراجع خلال الأعوام والعقود القادمة، حيث تشير التقديرات إلى أن النمو السكاني البشري في المستقبل القريب، سيقع جله في المدن.
*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية