أيام قليلة باقية لمن حصلوا على وظائف أو تمتعوا بألقاب استناداً إلى مؤهلات وهمية، فاعتباراً من نهاية أكتوبر القادم سيدخل إلى حيز التطبيق القانون رقم 9 لسنة 2021 بشأن حظر استخدام الشهادات العلمية الصادرة من جهات غير مرخص لها.
وكان قانون العقوبات، وهو القانون العام في مجال التجريم، يطال بأحكامه ظاهرة الشهادات الوهمية وانتحال الألقاب العلمية والجامعية، لكن لم تعد تلك الأحكام قادرة على تتبع كافة صور الغش، أو تجريم كل مظاهر الاستغلال، فكان أن أصدر المشرع قانوناً عقابياً خاصاً بهذا الشأن.
انتزعت ثلة من المزوّرين الثقة المفترضة بالمؤهلات الجامعية وبحملتها، وبالألقاب العلمية وبأصحابها، ولم تتوقف تلك الفئة عن التحصّل على شهادات من جامعات ضعيفة أو متساهلة أو غير معتمدة، بل ذهبت إلى أقصى الغش باستصدار «شهادات» من «جامعات» لا وجود لها، وذلك في سبيل فتح أبواب التوظيف أمامها، فضلاً عن «التمنظر» بالألقاب العلمية.
ويعرّف القانون الشهادة العلمية الصادرة من جهة غير مرخص لها بأنها مُحرّر صادر من جهة تعليمية أو تدريبية لا وجود قانونياً لها داخل أو خارج الدولة، أو صادرة من جهة غير مرخص لها بإصدار مثل هذه الشهادة، فلا يُعتد بها، ويُحظر بناء عليها تشغيل صاحبها، أو الاستعانة به بصفة دائمة أو مؤقتة، أو تمكينه من الاستفادة منها تحت أي صفة من الصفات.
ولأنّ المرء قد يقع ضحية جامعة وهمية، فقد فرّق القانون بين الخطأ والعمد، أي بين الشخص المخدوع علمياً والشخص المحتال الذي يعلم بأنه لم يبذل أي جهد للحصول على الشهادة، وأفرد عقوبة مستقلة لكل منهما. ولا يقتصر العقاب على تقديم الشهادة بغرض العمل، فالعقاب مقرر كذلك لمن يُقدّمها للحصول على اعتماد السلطة المختصة، وتضاعف عقوبته إذا حصل فعلاً على عمل بمقتضاها، أو حصل على أي منفعة مادية أو أدبية.
ولأنّ ظاهرة الشهادات الوهمية ما كانت لتستفحل لولا دور بعض جهات العمل في توظيف أولئك المخادعين، فقد قرر القانون عقوبة لكل موظف في إحدى جهات العمل العام أو الخاص قَبِلَ مثل تلك الشهادة في أي معاملة تتعلق بجهة عمله، مع علمه بحقيقتها، مع عدم الإخلال بحق الجهة التي استفاد منها صاحب الشهادة في مطالبته بردّ ما حصل عليه دون وجه حق، من قبيل مطالبته بردّ الرواتب التي حصل عليها خلال فترة عمله بناء على شهادة وهمية.
ولأنّ ثمة مسائل تفصيلية كثيرة في هذا الموضوع، فهناك لائحة تنفيذية للقانون ستصدر خلال ستة أشهر، وستكون هذه مهمة وزارة التربية والتعليم باعتبارها الجهة الإدارية المشرفة على تطبيق القانون.
كما أخذ القانون بعين الاعتبار الأوضاع التي نتجت عن استخدام شهادات علمية صادرة من جهات غير مرخص لها قبل العمل بهذا القانون، أي أوضاع أولئك الذين استخدموا مثل تلك الشهادات بالفعل، ومن المتوقع صدور قرارات وزارية تعالج مثل تلك الأوضاع، ذلك أنّ جرائم التزوير جرائم مستمرة لا تسقط الدعوى فيها بمضي المدة، ما دام الجاني يتمسّك بالمحرر المزوّر أو يتمسّك بالصفة العلمية المنتحلة.
كاتب إماراتي