عام دراسي استثنائي اجتازه أبناؤنا الطلبة، وتمكّنوا برغم كل الظروف التي شهدها من مواصلة تحصيلهم العلمي والتمسك بطموحاتهم وتطلّعاتهم، وها هم يحصدون ثمار جدّهم واجتهادهم وسهرهم نجاحاً يفاخرون به ويُثلجون صدور الآباء والأمهات الذين انتظروا هذا اليوم بفارغ الصبر، ويرسمون بسمة على ثغر الوطن الذي ينتظر منهم الإسهام في إعلاء صرح بنيانه ورفع رايته خفّاقة عالية، والقيام بما ينتظره منهم في المحافظة على ما حقّقه من منجزات يشهد لها القاصي والداني.
في هذه المناسبة التي تشكّل حدّاً فاصلاً بين مرحلتَين عمريتَين في حياة الإنسان، ينتقل عبره من طالب المدرسة ذي المسؤوليات المحدودة، إلى مرحلة الشباب وبدايات تحمّل المسؤولية، غالباً ما يحضر في ذهن كلّ واحد منّا القول المأثور «من جَدّ وجد ومن زرع حصد»، في تأكيد أن المثابرة وأخذ الأمور على المحمَل الذي يليق بها لا بدّ أن يؤتي أُكُله، ويضع صاحبه في الصفوف المتقدمة، وأن التراخي والركون إلى الراحة والدَّعة، لن يحقّقا للإنسان ما يصبو ويتطلع إليه، فمن طلب العلا سهر الليالي، ومن أراد التميز لا بدّ له من أن يأخذ بالأسباب التي تقوده إليه.
وهنا لا نجانب الصواب والحقيقة إذا قلنا إن الطالب في دولة الإمارات محظوظ، لأنه يعيش في وطن سخّر كل الإمكانات العلمية والتكنولوجية، ووفّر أحدث ما توصل إليه العقل البشري من اختراعات وأدوات لتمكينه من مواصلة دراسته وتحصيله من دون معيقات، ولضمان التقليل من الآثار والتبِعات التي تسبّبت بها «جائحة» فيروس كورونا على مسار العام الدراسي إلى حدّها الأدنى، في معادلة كانت مدخلاتها ومخرجاتها صحّة الإنسان (الطالب) ومصلحته وتحصيله الدراسي، ونتيجتها هي فوزه بالاثنين معاً، وهو ما افتقده أقرانه في الكثير من دول العالم، منها ما هو محسوب في فئة الدول المتقدّمة والمتطورة، حيث مرّت السنة الدراسية على طلّابها مرور العابرين وبشيء من التحصيل الذي لا يكاد يُسمن ولا يغني من جوع.
نعم، نجح العام الدراسي في الإمارات، وتحقّق فيه ما كنّا نراه نوعاً من الخيال العلمي، فقد تفوّقت فيه المنظومة التعليمية بأطرافها كافة على نفسها، وأكمل الطلبة مناهجهم ومقرراتهم في بيئة تفاعلية لا تختلف كثيراً عن البيئة المدرسية، وها هم المجدّون والمجتهدون يتفوّقون اليوم في نتائج الثانوية العامة، ويتلقّون هديتهم الجميلة، وهي تهنئة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، الذي بشّرهم وبشرنا، كما هو عهد قيادتنا دائماً، بأن القادم أجمل في إمارات الخير.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية