إعلان إنجاز نسبة 20% من «بيت العائلة الإبراهيمية» في أبوظبي يشير بلا شك إلى حضور الجغرافيا السياسية للإمارات في ذهن صانع القرار السياسي بمنطقة شرق الأوسط والعالم. وبالرغم من وجود نظريات عديدة تقلل أهمية الواقع الجغرافي للدول في ظل العولمة، إلا أن الواقع السياسي للإمارات وجغرافيتها وسط أزمات عالمية - انبثقت منها حروب طائفية ودينية- سيكون بصيص أمل في منطقة مليئة بالصراعات الأيديولوجية والتطرف.
وما يؤكد على انفتاح الإمارات عبر قيم متجذرة في رؤيتها تتضمن التسامح والتعايش، أنها تتمتع بعلاقات متميزة مع الدول المجاورة والدول الأخرى البعيدة عن المنطقة أيضاً.
وعلى الرغم من أن العالم العربي يشترك معها في نفس اللغة والدين، إلا أن رسالة الإمارات أثبتت خصوصيتها في الحوار بين الأديان والثقافات ونبذ الكراهية، وهذا ما تراه الإمارات ثوابت في سياستها. وهذه الثوابت ينبغي أن يتم وضعها في كل دساتير دول العالم لتنظيم حياة الشعوب والتفاعل الإيجابي مع مستجدات الواقع وأحلام المستقبل.
السياق الجيوسياسي الجديد في الشرق الأوسط كشف عيوب النظام الدولي الراهن، خاصة في ظل تراجع الأخلاق والقيم الروحية لبعض الدول، ما أسهم في نشر الإحباط واليأس وألقى بكثير من الناس في دوامة التطرف والتعصب الأعمى. الإمارات انتهجت سياسات قائمة على مبادئ راسخة جعلتها نموذجاً مؤهلاً لنشر التسامح، يجمع الديانات السماوية الثلاث وغيرها. نموذج قادر على نشر قيم السلام والتعايش، ابتداءً من نبذ التطرف الديني الذي تمثله جماعات خطيرة مثل «الإخوان المسلمين» وغيرهم، والتصدي للتمييز أو عدم المساواة بين الطوائف والديانات. تسامح الإمارات يتأكد على أرض الواقع في تلاحم أبناء المجتمع من 200 جنسية تعيش على أرض الإمارات في سلام وتسامح.
إيمان الإمارات بالتسامح ظهر بوضوح عبر الحراك الدبلوماسي الإماراتي الذي جمع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في توقيع «وثيقة الأخوّة الإنسانية» من أجل السلام العالمي والعيش المشترك في عام 2019، إلى جانب السعي إلى إتمام بناء «بيت العائلة الإبراهيمية» في عام 2022 سيكون بذلك صرحاً عالمياً يجسد تواصل الحضارات الإنسانية والرسالات السماوية. ويتواصل تسامح الإمارات عبر مساعداتها الخارجية والتنموية، التي تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية لمحتاجي دول العالم وتقليل الفجوة بين الطبقات الغنية والفقيرة، مما يجنب تلك المجتمعات من الوقوع فريسة للإرهاب الدولي وانتشار الجريمة.
إن تلبية دول المنطقة والعالم لنداء التسامح الذي يجسده «بيت العائلة الإبراهيمية»، تجعل مستقبل الشعوب أكثر أمناً وسلاماً، من خلال نموذج الإمارات في التعايش والتسامح. الإمارات حوّلت رؤاها إلى خطوات ومؤسسات فاعلة عبر سن القوانين الكفيلة بإزالة كل أنواع التمييز الديني والمراجعة الدورية للمناهج التعليمية، وأيضاً التوعية المجتمعية المتواصلة ومبادراتها الأخرى في عام التسامح، مع احتضانها لمختلف دور العبادة في إمارات الدولة، هذا يؤكد على أن المجتمع الإماراتي متسامح بطبيعته.