غالباً ما يعتمد تحليل الثقل الدبلوماسي للدول على الموقع الجغرافي وعلى محددات أخرى، وعلى نجاح الدولة في تسويق رؤاها واستراتيجيتها وفق محددات واضحة وبأطر سليمة. ويعد هذا التحليل أداة يتزود بها كل صانع قرار سياسي، لفهم طبيعة التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية. وتزداد أهمية تحليل الثقل الدبلوماسي في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن بعض بلدانها يشهد تحولات جذرية في طبيعة علاقاته الدبلوماسية. الإمارات جزء لا يتجزأ من الشرق الأوسط والعالم، واستطاعت تطوير ثقلها الدبلوماسي، لإنجاز خطوات تاريخية تتعلق بنشر التسامح والسلام وأيضاً مواكبة الجهود العالمية في ملفات مستجدة كوباء «كوفيد-19»، ومن قبله التغير المناخي.
ومن يتابع مسيرة التنمية الإماراتية يجدها انعكاساً لقوة صاعدة تمكنت من تحقيق إنجازات ملموسة بخطوات رائدة سواء في مشروعها الفضائي نحو كوكب «المريخ»، أو تشغيل محطة الطاقة النووية السلمية في برّاكة، أو توقيع اتفاق السلام الإبراهيمي مع إسرائيل، وأيضاً تسطيح منحنى الإصابات بفيروس «كوفيد-19»، وتطعيم السكان في فترة قياسية. ومؤخراً موافقة إدارة بايدن على إتمام صفقة بيع طائرات «إف-35» للإمارات، ما يؤكد أن الإمارات هي أحد الفاعلين الذين يتزايد امتلاكهم لزمام المبادرة وتأثيرهم الدبلوماسي في المنطقة بعد تراكم الأزمات والنزاعات الإقليمية.
وطوال العقود الخمسة الماضية لطالما صاغت الإمارات رسالتها الخارجية استناداً إلى قيم ومبادئ السلام والاستقرار وتنمية الشعوب واحترام حقوق الإنسان، والمساهمة بالأفعال والمواقف في كل ما من شأنه تحقيق التنمية وتعزيز التعاون، فكانت قواتنا المسلحة في الصومال وكوسوفو وأفغانستان واليمن، إلى جانب حربها ضد الإرهاب والتطرف في حملتها ضد «داعش» و«القاعدة»، ما يؤكد أن الإمارات تتقاسم العبء مع كل القوى الداعمة لاستقرار المنطقة، وهذا نهج إماراتي ثابت يعمل على إرساء الأمن الإقليمي، عبر التعاون مع شركائها وحلفائها الدوليين.
واستطاعت الدبلوماسية الإماراتية تعزيز التفوق النوعي في المجالات الدفاعية، خاصة بعدما أحرزت الدولة المركز 22 من بين 138دولة في القوة الجوية وذلك حسب مؤشر «جلوبال فاير باور» لعام 2020.
وتجدر الإشارة إلى أن شراء الإمارات المقاتلات الأميركية من طراز«إف-35»، والتي تمتاز بقدرتها على التخفي دليل على ثقة الولايات المتحدة في سياسة الإمارات ونهجها الداعم للسلام والاستقرر.
الدبلوماسية الإماراتية نجحت في إبرام الصفقة، التي تعد خطوة غير مسبوقة، خاصة أن القانون الأميركي يضع قيوداً على تصدير الأسلحة فائقة التطور إلى دول المنطقة، ما يدل على فعالية السياسة الخارجية الإماراتية في منطقة الخليج العربي والشرق الإوسط. ومن الواضح أن رصيد الإمارات على الصعيد الخارجي ودورها الفاعل في تسوية الخلافات والنزاعات سلمياً ودبلوماسياً، جعلها قوة تتحلى بالمسؤولية ومصدر ثقة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
الإمارات تدعوا دائماً إلى التسامح والتعايش وتغليب لغة الحوارالإقليمي. ومعاهدة السلام الإماراتية-الإسرائيلية تسهم في خفض الصراعات وبؤر التوتر، وذلك ضمن رؤية شاملة هدفها الحد من أجواء التوتر ووضع حد للكراهية. يوماً بعد يوم ترسخ الإمارات مكانتها العالمية كقوة دبلوماسية تسعى للسلام والتسامح والتنمية.