رسخت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ سنوات تأسيسها دعائم التطور الاقتصادي، من خلال وضع الخطط الاستراتيجية الرائدة والمبادرات الفاعلة لتحقيق مستهدفاتها الوطنية في المجال الاقتصادي، وذلك في ضوء رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة التي عملت على تطوير ممكنات النمو وبناء اقتصاد المستقبل، وفي مقدمتها تنويع القاعدة الاقتصادية وتحفيز التوجه نحو الاستدامة، وهو ما عزز بدوره مكانتها الإقليمية والعالمية بفضل استمرار الأداء المتوازن والإيجابي لاقتصادها الوطني. وتواصل دولة الإمارات تنفيذ المشاريع الاستراتيجية ومشاريع البنى التحتية المتطورة والمتكاملة التي تعزز مسيرة التنمية المستدامة وتحقق رؤيتها للعام الجاري 2021، بأن تكون العاصمة الاقتصادية والسياحية والتجارية لأكثر من مليارَي نسمة.
في هذا الإطار يأتي مشروع السكك الحديدية الوطنية الإماراتية الذي تتولى مهمة تطويره وتشغيله شركة الاتحاد للقطارات، الذي يعد جزءاً من رؤية الحكومة الاتحادية الرامية إلى زيادة نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وأن تكون دولة الإمارات بين أفضل دول العالم في جودة النقل، ما يرسخ مكانتها على خريطة صناعة النقل والخدمات اللوجستية العالمية.
ومن منطلق حرص القيادة الرشيدة على متابعة هذا المشروع الضخم، دشن سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة مؤخراً، أعمال مدّ قضبان السكك الحديدية للحزمة «أ» من المرحلة الثانية لهذا المشروع الوطني الاستراتيجي خلال حفل أقامته شركة الاتحاد للقطارات في مدينة الرويس بمنطقة الظفرة. وأشاد سموه بما حققه المشروع للعديد من الإنجازات، سواء على صعيد التقدم السريع في العمليات الإنشائية التي تجري حاليّاً لاستكمال الربط بين مناطق الدولة كافة مع دول مجلس التعاون الخليجي، أو على صعيد العمليات ضمن المرحلة الأولى من المشروع التي تواصل تحقيق الإنجازات بشكل يومي من خلال نقل حبيبات الكبريت من مصادره في شاه وحبشان إلى نقاط التصدير في الرويس. وأكد سموه أهمية مواصلة العمل على تطوير مراحل هذا المشروع الوطني الاستراتيجي الطموح، وفق أعلى المعايير والمواصفات العالمية.
وتكمن أهمية الحزمة «أ» من المرحلة الثانية من تطوير المشروع في ربطها بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، في خطوة مهمة ترسخ وحدة وترابط المنطقة وتؤسس لمرحلة جديدة من تكامل قطاعات النقل الإقليمية عبر شبكة السكك الحديدية لدول مجلس التعاون الخليجي، بما ينعكس على العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياحية لدول المنطقة. وسيسهم ربط المشروع بين الموانئ الرئيسية بنقاط التصنيع والإنتاج والمراكز السكانية في الدولة، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام، وفي منطقة الظفرة بشكل خاص، إذ سيعزز ترابط المنطقة مع بقية المراكز الحيوية والرئيسية، بما ينعكس بشكل إيجابي على حياة المواطنين والمقيمين في الدولة.
ولا شك أن رؤية القيادة الرشيدة بإقرار هذا المشروع الضخم هي رؤية استراتيجية تسهم في تنمية الاقتصاد البيني والتجارة الداخلية والطرق البديلة للمواصلات بين دول مجلس التعاون، كما يمكن لخط السكك الحديدية الذي سيعمل بالديزل أن يوفر 2.2 مليون طن متري من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري سنويًّا، فضلاً عن القدرة على توليد الكهرباء في المستقبل، وبالتالي التقليل من الانبعاثات، إلى جانب كونها وسيلة نقل أكثر فاعلية بالنسبة إلى البضائع والأشخاص حول المدن لتعمل بشكل أفضل.
إن هذا المشروع الوطني الرائد الذي يمتد طول شبكة السكك الحديدية فيه إلى 1200 كم، سيشكل جزءاً أساسيّاً من شبكة التوريد العالمية، كما أنه سيقدم العديد من الفوائد للدولة؛ بما في ذلك توفير فرص العمل، وتأمين السلامة على الطرقات، والتأثير البيئي الإيجابي، وخفض الازدحامات المرورية، وزيادة التواصل بين المناطق الحضرية وتلك البعيدة عن مراكز المدن.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية