قبل أن تغيب شمس الإمبراطورية البريطانية عن المشهد السياسي العالمي، كان لها دور أساسي في إعداد وتحضير قوة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، لذا كانت فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، وفقاً لأحد الباحثين، مرحلة لتحقيق هدفين أساسيين:
1- إنشاء بنية أساسية تجعل إسرائيل دولة ظلٍ ممثلةً في الوكالة اليهودية وأفرعها العسكرية والمالية والاستخبارية.
2- تهيئة جيل جديد من الفلسطينيين يتخلون عن قيادتهم ويساومون في تاريخهم الوطني وفي حقوق شعبهم.
وكانت المهمة منذ البداية تقتضي امتلاك أكبر كم من المعلومات حول المجتمع الفلسطيني، والعمل على نشر الخلافات والصراعات داخله، وخلق حالة من الفوضى والاضطراب في المنطقة العربية ككل.
وفي تقرير نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية، مؤخراً، طالبت الصحيفةُ بريطانيا بتصحيح الخطأ الذي تسبب فيه «وعد بلفور» وبالوقوف ضد «الضم» الذي تنوي الحكومة الإسرائيلية تنفيذه في مناطق من الضفة الغربية وغور الأردن. وينقل التقرير عن أحد المختصين: «إن اليهود كانوا في سنة 1907 لا يملكون في فلسطين سوى 2%، لكن مشروع التقسيم الذي اقترحته الأمم المتحدة أعطى لليهود نسبة 55%، وزادت هذه النسبة عقب حرب 1967، ثم جعلت اتفاقية أوسلو إسرائيلَ تستولي على 78%. وإذا مضت الحكومة الإسرائيلية في ضم 30% من الضفة الغربية فلن يبقى للفلسطينيين إلا نسبة 15%».
والحقيقة أن العالم كله، لاسيما دول الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، يرفض مخطط «الضم». وقد هدد الاتحاد الأوروبي إسرائيلَ بعقوبات تشمل: توقف وزراء خارجية دول الاتحاد عن زيارة الدولة العبرية، وقف التعاون الأكاديمي، وقف كل المعونات والمنح التي يخصصها الاتحاد للجامعات الإسرائيلية رغم ما يسببه له ذلك من خسائر كبيرة.
كما وجّه الأزهر الشريف دعوة إلى الأمة العربية والإسلامية لمواجهة مخططات السطو على أرض الضفة، ودعا الجميع إلى مواجهة ما يحاك ضد فلسطين.
أما إسرائيلياً، فنجد أن المؤرخ الإسرائيلي «بيني مورس» كان واضحاً وصريحاً عندما قال إنه «خلال سنوات سينتصر الفلسطينيون، وسيكون اليهود أقلية في هذه الأرض، وصاحب الحظ مَن يستطيع الهرب إلى أميركا أو أوروبا». وتابع «مورس» قائلا: «إن إسرائيل لا تزال تعتبر نفسها دولة يهودية، لكن حُكمَها لشعب محتل، بلا حقوق ولا مصير، ليس وضعاً قابلا للاستمرار والاستدامة».
وفي معنى قريب من ذلك، يقول رئيس «الشاباك» («جهاز الأمن العام» الإسرائيلي) السابق، كارمي غليون، «إن استمرار السياسات المتطرفة ضد المسجد الأقصى سيقود إلى خراب مؤكد ضد إسرائيل». كما يعبر الرئيس السابق لـ«الموساد» («جهاز الاستخبارات والمهمات الخاصة» الإسرائيلي)، منير داغان، عن شعوره بوجد «خطر يهدد بضياع الحلم الصهيوني».
وفي السياق نفسه يقول «روني دانييل»، المحلل العسكري في القناة الـ12 بالتلفزيون الإسرائيلي، إنه غير مطمئن إلى أن أولاده سيكون لهم مستقبل آمن في إسرائيل، بل يتوقع أن يغادروها عاجلاً أم آجلاً.
*كاتب إماراتي