يمكن إضافة صفة «الخطيرة» لكثير من الأمراض التى عرفتها الشعوب الأفريقية، وتجاوزتها على مدى العقود الأخيرة على الأقل، ذلك أن ثمة كتابات تصور القارة السمراء كساحة فريدة للأمراض المثيرة، وكأنها وحدها التي تبعث وتستقبل تلك الأنواع من الأمراض المؤذية والخطرة خلال العصور الحديثة، دون أن تسجِّل للقارة تاريخاً من المواجهات مع أخطر الأمراض التي عانتها الإنسانية ككل، لكن الواقع يشهد للقارة بقدرة شعوبها على تجاوز العديد من الأوبئة، لم تعرفها مناطق عديدة من العالم، بما فيه بلدان الجنوب على الخصوص، وإن كنا لا نذكرها، لأنه لم يتم تصنيفها غربياً كجوائح!
لقد تجاوزت شعوب القارة الأفريقية أمراضاً وأوبئة وجوائح أخذت مسميات عديدة، لم يبق في الذاكرة منها غير ما جرى الحديث عنه وأصبح شهيراً، وليست كورونا اكتشافاً جديداً، لكنها تأتي عقب سلسلة من الأمراض بمسمياتها الفعلية عبر سنين طويلة، ولا نقول قروناً.. مما يثبت صمود الشعوب الأفريقية أمام أوبئة وجوائح كبرى، لا تقل فتكاً عن كورونا الحالية.
وسلسلة مسميات الأمراض الخطيرة تعجز عنها أية عملية رصد بسيطة، فقد عرفت أنحاءٌ مختلفة من القارة أمراضاً شهيرة مثل: الملاريا والحميات المختلفة والإيدز والسل الرئوي والكوليرا.. إلخ، ولا يعني ذلك إلا أن قائمة معاناة الشعوب الأفريقية طويلة للغاية، وأنها لا تقتصر على الحديث العابر فقط، بل يعني أن القائمة لا تتوقف عند أمراض السنوات الأخيرة، بل تمتد لعقود وقرون حافلة بالأوبئة والجوائح ومعارك الإنسان الأفريقي ضدها.
وكلنا نعرف تواريخ أمراض مثل الكوليرا في الأربعينيات، وأنواع الحميات التى شهدتها أنحاء القارة في السنوات الأخيرة، كما نعرف ما رصده «المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض،»، وحجم الصعوبات التى يواجهها.
ثمة أمراض كبرى كانت تأثيراتها مأساوية، مثل الإيدز في مناطق جنوب وغرب أفريقيا، وكذلك مرض الإيبولا الخطير الذي يسبب وفاة من 50 إلى 90% من المصابين به، والذي انتشر بداية من مارس 2014 في غرب أفريقيا في أكبر تفشي له في التاريخ، وكما أشارت منظمة الصحة العالمية في 17 فبراير 2016، فإن عدد حالات الإصابة بالمرض بلغ 28639 حالة، وعدد الوفيات جراءه 11316 وفاة، واحتلت السيراليون المركز الأول في حالات الإصابة بـ14122 إصابة (و3955 وفاة)، بينما جاءت ليبيريا في صدارة عدد الوفيات، حيث سجلت 4809 وفاة من أصل 10675 حالة إصابة فيها، وما تزال حالات إضافية تتوالى بشكل متقطع، وعانت أفريقيا كثيراً وما تزال تعاني من مرض السل، إذ تسجّل التقارير أن نصيب القارة يمثل نسبة 24% من الحالات الجديدة في العالم، هذا إضافة إلى الملاريا، وهي أخطر من الإيدز في أفريقيا، إذ يصاب بها تسعة من كل عشرة أشخاص في بعض مناطق جنوب القارة، أما مرض السكري فينتشر في القارة هو أيضاً، وبمعدلات متزايدة، وتأتي مصر في مقدمة الدول الأفريقية من حيث انتشار الإصابة به.
وتتمثل المشكلة الكبرى فيما يترتب على تلك الأمراض والأوبئة من تأثيرات اقتصادية واجتماعية، حيث عانت وتعاني بلدان أفريقية عديدة من هذه التأثيرات؛ بما فيها تراكم الديون، وتعطل خطط التنمية، وازدياد نفوذ هيئات دولية مثل البنك وصندوق النقد الدوليين.
وثمة مناطق اقتصادية صاعدة في العالم، يفرض عليها الموقف التدخل بحكمة، ووفق خطط علمية رشيدة، وتعتبر مناطق مثل الخليج العربي وجنوب شرق آسيا وبعض دول أميركا اللاتينية في مقدمة المرشحين لهذه المهام، بغية مواجهة التدهور في مستوى الحياة الذي تسببه الأمراض الخطيرة في القارة الأفريقية، وما لها من أثر مباشر في شل قدرة البلدان الأفريقية على اللحاق بحركة التنمية في أنحاء مختلفة من العالم.
ويعاني العديد من الدول النامية صعوبات، جراء الصراع الدولي الذي يمثل عائقاً آخر لعملية التنمية فيها، وقد أصبح ما نشهده من صراع بين دول متقدمة كبرى، مثل الصين والولايات المتحدة، يضع أفريقيا أيضاً تحت طائلة هذا الصراع، الذي يكشف عن نفسه في منافسات تضيف تأثيرها إلى ما تعانيه الدول النامية من توترات، تعيق خطط التنمية دون اعتبار لمصالح الشعوب.
*مدير مركز البحوث العربية والأفريقية -القاهرة
لقد تجاوزت شعوب القارة الأفريقية أمراضاً وأوبئة وجوائح أخذت مسميات عديدة، لم يبق في الذاكرة منها غير ما جرى الحديث عنه وأصبح شهيراً، وليست كورونا اكتشافاً جديداً، لكنها تأتي عقب سلسلة من الأمراض بمسمياتها الفعلية عبر سنين طويلة، ولا نقول قروناً.. مما يثبت صمود الشعوب الأفريقية أمام أوبئة وجوائح كبرى، لا تقل فتكاً عن كورونا الحالية.
وسلسلة مسميات الأمراض الخطيرة تعجز عنها أية عملية رصد بسيطة، فقد عرفت أنحاءٌ مختلفة من القارة أمراضاً شهيرة مثل: الملاريا والحميات المختلفة والإيدز والسل الرئوي والكوليرا.. إلخ، ولا يعني ذلك إلا أن قائمة معاناة الشعوب الأفريقية طويلة للغاية، وأنها لا تقتصر على الحديث العابر فقط، بل يعني أن القائمة لا تتوقف عند أمراض السنوات الأخيرة، بل تمتد لعقود وقرون حافلة بالأوبئة والجوائح ومعارك الإنسان الأفريقي ضدها.
وكلنا نعرف تواريخ أمراض مثل الكوليرا في الأربعينيات، وأنواع الحميات التى شهدتها أنحاء القارة في السنوات الأخيرة، كما نعرف ما رصده «المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض،»، وحجم الصعوبات التى يواجهها.
ثمة أمراض كبرى كانت تأثيراتها مأساوية، مثل الإيدز في مناطق جنوب وغرب أفريقيا، وكذلك مرض الإيبولا الخطير الذي يسبب وفاة من 50 إلى 90% من المصابين به، والذي انتشر بداية من مارس 2014 في غرب أفريقيا في أكبر تفشي له في التاريخ، وكما أشارت منظمة الصحة العالمية في 17 فبراير 2016، فإن عدد حالات الإصابة بالمرض بلغ 28639 حالة، وعدد الوفيات جراءه 11316 وفاة، واحتلت السيراليون المركز الأول في حالات الإصابة بـ14122 إصابة (و3955 وفاة)، بينما جاءت ليبيريا في صدارة عدد الوفيات، حيث سجلت 4809 وفاة من أصل 10675 حالة إصابة فيها، وما تزال حالات إضافية تتوالى بشكل متقطع، وعانت أفريقيا كثيراً وما تزال تعاني من مرض السل، إذ تسجّل التقارير أن نصيب القارة يمثل نسبة 24% من الحالات الجديدة في العالم، هذا إضافة إلى الملاريا، وهي أخطر من الإيدز في أفريقيا، إذ يصاب بها تسعة من كل عشرة أشخاص في بعض مناطق جنوب القارة، أما مرض السكري فينتشر في القارة هو أيضاً، وبمعدلات متزايدة، وتأتي مصر في مقدمة الدول الأفريقية من حيث انتشار الإصابة به.
وتتمثل المشكلة الكبرى فيما يترتب على تلك الأمراض والأوبئة من تأثيرات اقتصادية واجتماعية، حيث عانت وتعاني بلدان أفريقية عديدة من هذه التأثيرات؛ بما فيها تراكم الديون، وتعطل خطط التنمية، وازدياد نفوذ هيئات دولية مثل البنك وصندوق النقد الدوليين.
وثمة مناطق اقتصادية صاعدة في العالم، يفرض عليها الموقف التدخل بحكمة، ووفق خطط علمية رشيدة، وتعتبر مناطق مثل الخليج العربي وجنوب شرق آسيا وبعض دول أميركا اللاتينية في مقدمة المرشحين لهذه المهام، بغية مواجهة التدهور في مستوى الحياة الذي تسببه الأمراض الخطيرة في القارة الأفريقية، وما لها من أثر مباشر في شل قدرة البلدان الأفريقية على اللحاق بحركة التنمية في أنحاء مختلفة من العالم.
ويعاني العديد من الدول النامية صعوبات، جراء الصراع الدولي الذي يمثل عائقاً آخر لعملية التنمية فيها، وقد أصبح ما نشهده من صراع بين دول متقدمة كبرى، مثل الصين والولايات المتحدة، يضع أفريقيا أيضاً تحت طائلة هذا الصراع، الذي يكشف عن نفسه في منافسات تضيف تأثيرها إلى ما تعانيه الدول النامية من توترات، تعيق خطط التنمية دون اعتبار لمصالح الشعوب.
*مدير مركز البحوث العربية والأفريقية -القاهرة