هدى جاسم (بغداد)
أثارت عملية اعتقال أحد أكبر رجال الأعمال في العراق خلال محاولته مغادرة البلاد عبر مطار بغداد، إضافة إلى تحرك آخر للأجهزة الأمنية في محاولة لجلب رجل أعمال آخر مقيم خارج البلاد، الكثير من ردود الأفعال الشعبية المؤيدة لعمل اللجنة العليا لمكافحة الفساد التي شكلها رئيس الوزراء محمد السوداني.
ورغم الكشف بأن القضية التي تم اعتقال رجل الأعمال في المطار على إثرها كانت بشأن خلاف مالي مع شخص في محافظة السليمانية، إلا أن الموضوع أخذ صدىً واسعاً، فيما تحولت منصات التواصل الاجتماعي وتغريدات النواب بأن الحرب على الفساد قد بدأت وأنها لن تتوقف.
وحول إمكانية المضي بعملية مكافحة الفساد حتى وإن طالت شخصيات بارزة لها نفوذ كبير في العراق، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد ورئيس مركز «التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري، أن الجهات السياسية التقليدية الداعمة لحكومة السوداني لن تندفع في خوض معارك الفساد لأن جزءًا من تلك القضايا ستطالها بشكل كبير.
وأكد الشمري أن الحكومة قد تتحرك لمعالجة آلاف الملفات الموجودة في هيئة النزاهة، مشيراً إلى أن حسم تلك الملفات سيكون صعباً جداً لأن بعضها سيطال قادةً وزعماء سياسيين، فضلاً عن أن كشف ملفات الفساد لا يرتبط بالداخل العراقي بل بجهات خارجية وستكون له تداعيات كبيرة.
وقال: «الطريق طويل لمكافحة الفساد والشروع في هذه الحرب ستكلف السوداني الكثير، منها مواجهة سياسية على كل المستويات، لذلك اعتقد أنه سيلجأ إلى مبدأ وقف وتوقيف الفساد وقد يكون واحدةً من الاستراتيجيات التي تحد من قضايا الفساد».
وفي تقرير لموقع «المونيتور» الأمريكي، حدد ثلاثة أسباب تجعل السوداني يضع محاربة الفساد على رأس أولوياته في بلد مهدد بانهيار هياكله، متسائلاً عما إذا كان سيحقق نجاحاً في هذا الملف.
وقال التقرير الأميركي: إن السوداني تحرك سريعاً في اتخاذ إجراءات ضد الفساد، حيث أقال رئيس هيئة استثمار بغداد وسلم ملفه إلى هيئة النزاهة للتحقيق في مزاعم فساد، إلى جانب إعفائه مدير عام التحقيقات في هيئة النزاهة من مسؤولياته بسبب فشله في القيام بإجراءات كافية حول قضايا ضريبية، وإحالته للقضاء لمحاسبته قانونياً.
إلا أن التقرير لفت إلى أن الحكومات العراقية المتعاقبة كافة كانت تدعو إلى ضرورة محاربة الفساد، دون تطبيق فعلي.
وختم تقرير «المونيتور» بالقول إنه في ظل هذه الظروف، فإن السوداني يواجه العديد من التحديات الصعبة في حملته لمكافحة الفساد، مشيراً إلى أن الفساد يخترق بعمق جميع منظومات الإدارة والبيروقراطية للحكومة العراقية ومن خلال شبكات المحسوبية والمحاصصة الحزبية.