شعبان بلال (تونس، القاهرة)
وسط إجراءات أمنية مشددة، تستعد آلاف مراكز الاقتراع في تونس، اليوم الاثنين، لاستقبال الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد الذي سيكون حاسما في تحديد المستقبل السياسي للبلاد، وسط تأييد شعبي كبير لمسار الجمهورية الجديدة الذي أطلقه الرئيس قيس سعيد، ومحاولات «إخوانية» للتأثير على الاستفتاء عبر اختراق قواعد بيانات الانتخابات وتوزيع أموال والقيام بعمليات تجييش للامتناع عن التصويت.
ودخلت البلاد فترة الصمت الانتخابي، أمس، حيث يمنع خلال هذا اليوم على الجهات الرسمية والمعارضين أو المؤيدين للدستور القيام بالدعاية الانتخابية.
وتجري هذه العملية، وسط مراقبة أمنية مشددة، حيث سيتولى الآلاف من رجال الأمن والجيش تأمين مكاتب التصويت والفرز في كافة أنحاء البلاد. ووزعت اللجان الانتخابية في تونس، أمس، صناديق الاقتراع والمواد اللازمة على مراكز التصويت.
في الأثناء، تواصل أمس، التصويت لليوم الثاني على التوالي خارج البلاد، في 47 دولة حول العالم، وسط توقعات بارتفاع نسب المشاركة التي لم تتجاوز 3% في اليوم الأوّل من الاقتراع.
وأكد خبراء ومحللون سياسيون تونسيون لـ«الاتحاد» أن هناك محاولات متعددة لـ«الإخوان» وجهات خارجية للتأثير على عملية الاستفتاء على الدستور الجديد عبر عمليات اختراق قواعد بيانات الانتخابات وتوزيع الأموال للامتناع عن التصويت، مشددين على أن عملية الاستفتاء ستنجح رغم تلك المحاولات البائسة.
واعتبر المحلل السياسي التونسي منذر ثابت أن الرئيس قيس سعيد لم يقدم البيانات الكافية لتوضيح ما حدث من عمليات اختراق قواعد بيانات الانتخابات، لكن هناك معلومات تؤكد وجود محاولات لاختراق عدة بيانات تتعلق بالانتخابات، موضحاً أن هذه المحاولات تمت عبر منصات من الخارج.
وأضاف لـ«الاتحاد»، أنه من الوارد محاولات التشويش على الاستفتاء وإرباك العملية الديمقراطية من جانبها التقني وسلامة المعلومات وبنك المعطيات وقاعدة البيانات، لكن السلطات التونسية منتبهة لهذه الفرضيات.
وشدد ثابت على أن هذه المحاولات لن تعيق الاستفتاء لأن أغلبية الشارع التونسي تدعم مشروع الرئيس قيس سعيد وهناك دعم شعبي واسع جدا لهذا المشروع وشخص الرئيس قيس سعيد، مع اعتبار حق المعارضة في النقد والدعاية المضادة والتظاهر.
بدوره، أكد المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي أن محاولات «الإخوان» للتشويش على الاستفتاء لم تنته بل انطلقت الآن، مشيراً إلى رصد توزيع أموال وتجييش ضد الاستفتاء، بالإضافة إلى عمليات تشويش عبر الأقمار الصناعية من أجل ألا تكون المعلومة لدى الجميع.
وأوضح الجليدي لـ«الاتحاد»، أن الرئيس قيس سعيد كشف عن وجود «حرب إلكترونية» شُنت على الموقع الرسمي الانتخابات وعناوين مكاتب التصويت، مضيفاً أن الرئيس كان يعلم أن «الإخوان» وزعوا الأموال في القرى وحاولوا مرارا وتكرارا ألا ينجح هذا المسار الذي يكتب نحو الجمهورية الثالثة.
واتفق المحلل السياسي التونسي الهادي حمدون حول وجود محاولات للتأثير على الاستفتاء آخرها نحو 1700 اختراق لموقع هيئة الانتخابات ما تسبب في تغيير عدد كبير من أماكن الاقتراع، مثال ما حدث مع زعيمة حزب الدستور الحر عبير موسى، حيث تم وضع ملفها الانتخابي في إحدى السفارات بالخارج.
وأوضح حمدون لـ«الاتحاد»، أن ذلك اضطر هيئة الانتخابات إلى فتح باب التأكد من التسجيل أثناء حملات الاستفتاء، متوقعاً أن يمر الدستور، لكن هناك حملات شعبية لرفع نسبة الإقبال أمام ما تشهده تونس منذ سنوات من عزوف عن السياسة لانعدام الثقة في السياسيين والأحزاب وهو ما لم يحصل مع قيس سعيد الذي لا يملك حزباً وغير مفاهيم وقواعد اللعبة السياسية.
فيما أوضح المحلل السياسي والباحث في الشؤون العربية محمد حميدة أنه منذ إعلان الرئيس عن خريطة الطريق في 25 يوليو الماضي يواجه العديد من عمليات الضغط والتشويش الداخلية والخارجية، حيث تسعى جماعة «الإخوان» وحلفاؤها إلى إفشال المسار الذي اتخذه الرئيس.
وأضاف لـ«الاتحاد»، أنه «لا أحد يملك تأكيد هذه المعلومات لكنها جاءت على لسان رئيس جمهورية وبالتالي فإنها تمثل أزمة كبيرة ليست على مستوى الجماعة، لكن لكونها تتم بالطريقة التي تحدث عنها الرئيس فهذا يعني تعاون جهات خارجية مع الإخوان ومساندتهم لهم، وهي الآلية التي تلجأ لها الجماعة دائما كما حدث في العديد من الدول».