بيروت (وكالات)
رد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري، بقوة على الرسالة التي وجهها الرئيس ميشال عون، إلى مجلس النواب والتي اتهم فيها زعيم «تيار المستقبل» برفض تشكيل الحكومة، مؤكداً أنه لن يُشكل حكومة كما يريدها عون.
وكلّف الحريري في أكتوبر تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة برئاسة حسان دياب بعد انفجار وقع في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس وتسبب بمقتل أكثر من 200 شخص، ونتج عن إهمال في تخزين مواد متفجرة.
وقال الحريري في كلمة له أمام مجلس النواب اللبناني: «نحن باختصار أمام رئيس للجمهورية يصرّ على مخالفة الدستور بأن يحصر بشخصه منح الثقة للحكومة، بينما ينص الدستور على أن مجلسكم الكريم، علاوة على أنه دون سواه من يختار الرئيس المكلف، هو الذي يمنح الثقة أو يمنعها». وأكد الحريري أن «أكثر ما يحزنه هو فترة الفراغ الخطيرة التي يسأل عنها الرئيس في رسالته، ليست فراغاً مطلقاً، بل تمتلئ بالمعارك الدخانية وتهديم المؤسسات، والفضيحة غير المسبوقة في الدبلوماسية، والتنكيل بالعملة الوطنية، كأنهم ما تعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا، كما في المقولة الشهيرة». وأضاف: «إنني لن أستجيب للعنعنات الطائفية، ولست مستعداً لأكون شريكاً في أي إخلال في التوازن الدستوري ولا في الاتزان الوطني، ولن أسهم في تسهيل المشاريع العدمية».
ورأى الحريري أن الحل يكمن بيد عون، قائلاً عن التشكيلة: «لتذهب الحكومة إلى المجلس النيابي، فإذا فشلت في نيل الثقة، يكون قد تحقق له ما يريد، وتخلص من رئيس الحكومة، وأعطى المجلس النيابي الفرصة الوحيدة التي يتيحها الدستور لإلغاء مفاعيل تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة».
وتابع موجهاً كلامه إلى أعضاء مجلس النواب: «منذ البداية كنت راضياً بحكمكم، منحاً أو منعاً، ولهذا آثرت الصبر حتى لا أكون شريكاً في استباحة سلطاتكم الدستورية مثلما تستباح السلطات الأخرى». واعتبر رئيس الحكومة المكلف أن رسالة عون تمنح بارقة أمل لأن الأخير يعترف من خلالها بالمجلس النيابي، مضيفا: «لندعُه إلى الاعتراف بأن المجلس النيابي انتخب رئيساً للجمهورية، وأن المجلس النيابي أيضا، سمى رئيسا للحكومة». وأضاف: «لعلّ هذا الاعتراف يشكل حافزاً للرئيس بأن يتفادى الإخلال بواجبه الدستوري، عبر الإفراج عن دعوة الهيئات الناخبة للانتخابات الفرعية لملء المقاعد الشاغرة في هذا المجلس، والقابعة في أدراج مكتب عون منذ أكثر من شهرين».
وفي معرض انتقاده لعون، قال الحريري: «لا يكتفي الرئيس بتعطيل الحياة الدستورية ومنع تشكيل الحكومة، بل يزعم في رسالته إليكم أن رئيس الحكومة المكلف عاجز عن تأليفها، ومنقطع عن إجراء الاستشارات النيابية وعن التشاور مع رئيس الجمهورية». وأردف: «الحقيقة التي تعرفونها جميعا، أنني قمت بكل ما يجب، وأكثر، وتحملت ما لا يحتمل، للوصول إلى حكومة تبدأ بمكافحة الانهيار». وشدد الحريري على أن «النص الدستوري يؤكد بوضوح أن الحكومة تعتبر مستقيلة في حال استقال رئيسها أو استقال أكثر من ثلث أعضائها، وبالتالي، فإن اكتساب رئيس الجمهورية الثلث المعطل يعطيه القدرة على «إقالة الحكومة» في تعديل دستوري مقنّع.
وأكد الحريري في أكثر من مرة أنه قدم تشكيلة حكومته إلى الرئيس اللبناني الذي يرفضها كونها لا تمنح فريقه السياسي الثلث المعطل، وهو ما يرفضه الرئيس المكلف على حد قوله.
وقال الحريري: «لقد قلت منذ اليوم الأول، لقبولي لهذه المهمة الوطنية النبيلة والخطيرة في آن معاً، وللتحديات الهائلة الماثلة أمامنا، بأنني لن أشكل إلا حكومة اختصاصيين غير حزبيين، والتي باتت تشكل شرطاً مسبقاً لأي دعم خارجي، والمفصلة في خارطة الطريق التي باتت معروفة باسم المبادرة الفرنسية، لن أشكل الحكومة كما يريدها الرئيس، ولا كما يريدها أي فريق سياسي بعينه، لن أشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يتهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم».
وكان ميشال عون قد أرسل رسالة إلى البرلمان اللبناني عبر رئيسه نبيه بري، قال فيها إن «آثار التأخير السلبية انعكست على الاستقرار السياسي والأمان الصحي والاجتماعي والاقتصادي والمالي والخدماتي العام، وحالت دون معالجة ملفات حساسة». وأضاف عون «لا يجوز أن تبقى أسباب التأخير موضع تكهن أو اجتهاد ولا أن يبقي تشكيل الحكومة إلى أفق غير محدد، وعلى رئيس الحكومة المكلف السهر على عدم نشوء أعراف دستورية خاطئة عند التشكيل».
وحمّل الرئيس اللبناني، الحريري مسؤولية التأخر في تشكيل الحكومة، قائلا: «أصبح من الثابت أن رئيس الوزراء المكلف لا يزال يتجاهل كل مهلة معقولة لتشكيل حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة».