حسونة الطيب (أبوظبي)
هل فكر أي منا كيف ستكون حالته لو خضع لعملية جراحية من دون تخدير؟
الحقيقة أن العمليات الجراحية قبل اكتشاف التخدير، كانت الملاذ الأخير الذي يلجأ له المرضى، وأن العديد منهم، كانوا يفضلون الموت على مواجهة الآلام غير المحتملة، وخطوة بعد الأخرى في طريق النصر على الألم، بدأ التخدير بأكسيد النيتروز والكلوروفورم والأثير، ثم الكوكايين والنوفاكيين والأثيلين ومركباته، ثم السيكلوبروبين، ثم الانترافال وغيرها، حتى أصبح علماً وفناً قائماً بذاته، يخفف آلام البشر، ويسهل إجراء أخطر الجراحات وأكثرها تعقيداً.
بدأت أول محاولات التخدير العام، في عصر ما قبل التاريخ عن طريق العلاج بالأعشاب. كما تعتبر الكحوليات، واحدة من أقدم المهدئات التي كانت تستخدم في بلاد الرافدين منذ آلاف السنين.
ويقال إن السومريين هم أول من زرعوا، وحصدوا الخشخاش في بلاد الرافدين منذ 3400 عام قبل الميلاد.
وكان الجراحون قبل اكتشاف التخدير الكلي، يضطرون لضرب المريض بآلة صلبة على مؤخرة رأسه، بغرض فقدان الوعي للانتهاء من إجراء العملية الجراحية.
وفي بعض الروايات، يعود تاريخ اكتشاف التخدير، لطبيب أسنان شاب يدعى ويليام مورتون، الذي ظل يبحث بإصرار عن طريقة لتخفيف الألم، حيث لاقت جهوده صدى عندما اكتشف فقدانه للوعي، حين يستنشق سائل الإيثر.
وتمكن مورتون، بعد مرور بضعة شهور في 16 أكتوبر 1846، من تخدير مريض شاب في مستشفى ماساشوستس العامة، ثم قام كبير جراحي المستشفى بإزالة ورم من جانب الفك الأيسر دون أن يتحرك المريض أو يشتكي، مما أدهش الجراحين والجمهور، وهنا بدأت قصة التخدير العام الذي يعد أحد أعظم الاكتشافات.
ويعتبر العرب، أول من استخدم التخدير الطبيعي في الجراحة، عند اكتشافهم لنباتات تتميز بقوة التخدير مثل، الشيلم والسيكران. كما استخدموا الإسفنجة المخدرة، التي يقوم مساعد الجراح بوضعها على أنف المريض. وعند انتشار التنويم المغناطيسي كأحد وسائل التخدير في أميركا وأوروبا، حقق الطبيب الألماني جيرلنج، أول عملية ولادة في 1840، باستخدام التنويم المغناطيسي.
من بين أنواع التخدير، التخدير الموضعي، حيث يتم تخدير منطقة محددة عبر حقن المادة المخدرة، باستخدام إبرة في المكان المطلوب تخديره من الجسم.وهناك التخدير النصفي، حيث يقوم طبيب التخدير بعمل تخدير موضعي لمنطقة معينة في أسفل الظهر.أما النوع الثالث وهو التخدير الكلي، يتم من خلاله إعطاء المريض حقنة في الوريد ينام بعدها نوماً عميقاً.
4 مراحل
يمر المريض بأربع مراحل أثناء التخدير، تحريض التخدير، وهي التي تلي حقن المخدر، عندها يشعر المريض بتأثير الدواء لكنه يظل واعياً بما حوله، والثانية مرحلة الاهتياج، يصاحبها ارتعاش في الجسم وعدم انتظام في التنفس وضربات القلب ولا يدرك المريض ما يجري حوله، بينما ترتخي العضلات في الثالثة وتنتظم ضربات القلب والتنفس، أما الأخيرة فلا يصل لها المريض عادة، لأنها تكون عند زيادة الجرعة والتي ربما تنتهي بالوفاة في حال عدم التدخل السريع. وتتكون مادة التخدير من، مزيج من الغازات القابلة للاستنشاق مثل، غاز النيتروز «غاز الضحك» ومشتقات الأثير المختلفة.
ومع أن العديد من المرضى، يتخوفون من كشف أسرارهم والإدلاء باعترافات باتت طي الكتمان عند الخضوع لتخدير كلي، رغم أن العديد من الناس لا يتكلمون بأشياء غير عادية، يبقى ألم الجراحة من دون بنج يفوق بمراحل ألم كشف الأسرار.