الشارقة (وام)
أطلق معهد الشارقة للتراث شراكة معرفية ومجتمعية نوعية مع مكتبة الإسكندرية ضمن جهودهما العلمية والأكاديمية المتواصلة للنهوض بالتراث الثقافي المادي وغير المادي على مستوى الوطن العربي والحفاظ عليه وتعزيز الوعي بأهميته.
جاء ذلك لدى مراسم توقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين بشأن التعاون المشترك وتبادل المعرفة والخبرات وتأسيس شراكة مجتمعية، والتي جرت أمس بمقر مكتبة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية.
وقع المذكرة كل من الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، والدكتور أحمد عبدالله زايد حجاب، مدير مكتبة الإسكندرية، بحضور أحمد سالم البيرق مدير إدارة الاتصال المؤسسي بمعهد الشارقة للتراث، وعتيق القبيسي باحث في التراث.
شراكة مهمة
أعرب الدكتور عبدالعزيز المسلم عن اعتزازه بالدخول في هذه الشراكة المهمة ذات الأبعاد الثقافية والأكاديمية والفنية المختلفة، والتي تتسق مع أهداف معهد الشارقة للتراث، باعتباره مؤسسة ثقافية وأكاديمية تعمل على ترجمة وتجسيد رؤى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في تعزيز وترسيخ الحفاظ على الهوية وصون التراث، مشيراً إلى أن هذا الالتزام تجسده الأولويات الاستراتيجية للمعهد، والتي يتصدرها موضوع توثيق وحفظ وتدريس التراث الثقافي والعلوم الإنساني الأخرى، من خلال تبني الأسس العلمية المتعارف عليها أكاديمياً وفنياً، فضلاً عن جهوده في مجال النشر العلمي والإشراف على البحوث في شتى مجالات التراث الثقافي والأنثروبولوجيا والتاريخ، إلى جانب إدارة الجهات التراثية في إمارة الشارقة وإقامة الأنشطة والثقافية والفعاليات التراثية المختلفة.
وقال المسلم ستسهم المكانة العلمية والأكاديمية التي تملكها مكتبة الإسكندرية باعتبارها صرحاً علمياً وثقافياً جامعاً، ولها تاريخ عريق ورصيد حافل مشهود له في حفظ المراجع العلمية والبحثية، وإجراء الدراسات والاستشارات المتنوعة في توسيع مساحات التعاون الحالي، ومجالات الشراكة القائمة بين الطرفين من خلال تطوير وتفعيل المزيد من البرامج والمبادرات المشتركة، التي تؤسس لها بنود المذكرة ولا سيما في مجال التكوين العلمي، وتأهيل الكوادر المتخصصة في التراث الثقافي.
مكنز التراث الثقافي
وأوضح رئيس معهد الشارقة للتراث أنه بموجب المذكرة سيتعاون الطرفان في إعداد البوابة الإلكترونية المخصصة لمشروع مكنز التراث الثقافي غير المادي في العالم العربي، من خلال خبراء مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع للمكتبة، منوهاً بأن «المكنز» هو ثمرة توجيهات صاحب السموّ حاكم الشارقة، حيث يقوم المعهد برعاية ودعم ونشر هذا المشروع الثقافي والمعرفي البارز في سبيل إتاحة هذه المادة العلمية القيّمة عبر البوابة ليكون في متناول جمهور الباحثين والدارسين والمهتمين.
وأوضح الدكتور عبدالعزيز المسلّم أنه منذ قرون عديدة يتقن أهل الخليج لغات عدة، وعليه فإن التعددية التي وصلت إليها اليوم دولة الإمارات بوجود أكثر من 200 جنسية هو امتداد طبيعي لذلك الإرث القديم، كما أن العلاقة مع جمهورية مصر العربية قديمة جداً، وعندما نتذكر التعليم الأكاديمي العالي نتذكر مصر، حيث بدأ فيها كثير من الفنانين التشكيليين في الإمارات، وكثير من الكتاب تعلموا في مصر أو على الأقل نهلوا من معين هذا الجو الثقافي الكبير.
عمل مشترك
من جانبه، عبّر الدكتور أحمد عبدالله زايد حجاب عن سعادته بتوقيع مذكرة التعاون المشترك مع معهد الشارقة للتراث بخصوص المحافظة على التراث الثقافي المادي وغير المادي، وجمع التراث وتوثيقه بما يليق به ويستحقه، ولفت إلى أن صاحب السمو حاكم الشارقة يهتم بجمع وتوثيق بالتراث بشكل كبير جداً، وهو ما تجلى في أكثر من مناسبة طوال عقود من الاشتغال الحيوي العميق حول التراث ومكانته وأهميته واستدامته.
وأشار إلى أن هناك مشروع عمل مشتركاً بين مصر والإمارات تركز فيه مكتبة الإسكندرية على رجال الإمارات الذين درسوا في مصر ورجال مصر الذين ذهبوا للعمل والدراسة في الإمارات، حيث يكون هناك وثيقة أو قاموس يجمع هذه التجارب، وهي إحدى القضايا التي سنعمل عليها معاً ونتعاون فيها مستقبلاً.
وأشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت نموذجاً غير مسبوق في موضوع التعددية؛ لأن من يذهب إلى دولة الإمارات ويعيش فيها حتى لفترة قصيرة، يرى كيف يتفاعل أفراد من جنسيات مختلفة ومن ثقافات مختلفة.
برامج وفعاليات متعددة
بموجب المذكرة المبرمة، سيباشر الطرفان خلال الفترة المقبلة العمل المشترك في مجال البحث العلمي بهدف دراسة وتوثيق وحفظ وترويج التراث الثقافي المادي وغير المادي والعلوم الإنسانية الأخرى، بالإضافة إلى التعاون في مجال الترجمة والنشر وتبادل المطبوعات والمراجع والوسائط، وكل ما من شأنه أن يثري تجربة الطرفين من أوعية المعرفة ومصادرها.كما تمهد المذكرة لإجراء حزمة من الزيارات المتبادلة بين الخبراء لدى الطرفين، وعقد الندوات والمحاضرات حول التراث الثقافي والعلوم الإنسانية، واستضافة البرامج والمؤتمرات والفعاليات الثقافية والعلمية التي ينظمها كل من المعهد والمكتبة.