عدد اليوم
محمد عبدالسميع (الشارقة)
كيف يؤثّر الخطّ العربي في الذوق السليم لمتلقي اللغة العربيّة، وما الرسالة التي تنطوي على مشاركة محترفين من آسيا وأفريقيا ومن عالمنا العربي، في تظاهرة عالمية تحمل اسم «ملتقى الخطّ العربي»؟!.. وكيف نوسّع من ثقافة تلقّي الخطّ وفهم جمالياته ورونقه وما يحمله من فكر، وكونه أساساً للهوية في ما يتعلق بلغتنا العربيّة التي نحترم ونجلُّ ونعلي من شأنها بين الأمم والشعوب؟!
هذه الأسئلة والنقاشات كانت تدور على ألسنة حضور الملتقى وتفاصيل وجوههم وهم يسعدون بكون الشارقة قد أصبحت تمثّل ميداناً واسعاً تتسابق فيه جياد الحروف وأصائلها، فعلى مضمارها كانت ملتقيات الفنون والأدب والفنّ، وفي ساحاتها ومبانيها التراثية كان عبق الحضارة العربية الإسلاميّة، ليأتي هذا الملتقى فيرسّخ في دورته العاشرة أثر الإنسان الذي يُضاف إلى المخطوطات القديمة التي كانت تُكتب بخطّ اليد ويتأمل الزوّار في المتاحف حضورها القديم الأنيق الذي يبدو وكأنّه اليوم.
وفي أروقة ومعارض الخطاطين في أكثر من مكان ومؤسسة معنية بالفنون في الشارقة، كان تميّز هذه الدورة من الملتقى بشعارها الذي يحمل «ارتقاء»، كما يقول الفنانون والضيوف الذين التقتهم «الاتحاد» وعبّروا لها عن تقديرهم لجهود صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في مواصلته وإشرافه المباشر على نجاح الشارقة وفرادتها ثقافياً لتظلّ تتجلى الثقافة الإماراتية في الحوار والمعرفة والتبادل الثقافي بين الشرق والغرب وبلاد الإنسانيّة في كلّ مكان.
يقول الفنان النيجيري يوشع عبدالله، وهو يحمل اعتزازه وفرحته بالمشاركة، إنّه ماضٍ في تعليم ونشر الخطّ بين أبناء بلده، راوياً سيرته مع الخطّ والدورات التي واظب عليها، متأملاً مع الزوّار روعة الخطّ العربيّ وجمالياته ودقّته، إذ يعتبر ذلك جزءاً من احترامه للغة العربيّة وتقديرها، مؤكّداً أنّ الشارقة وبفضل جهود حاكمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، رسّخت سمعة عاليةً للثقافة والآداب والفنون لدى العالم جميعاً، وكذلك في أفريقيا في مجالات عديدة، ومنها الشعر والخطّ الذي يحضر اليوم ليتنافس ويتحاور في الإمارات.
التقاء الثقافات
تعبّر الفنانة الإيطاليّة أنتونيلا ليوني عن سعادتها وهي تستعيد بداياتها في تعلّم الخطّ وتخصصها في فنون العالم الإسلامي، وتجوالها الفني بين لندن والقاهرة واهتمامها بخطّ النسخ، مؤكّدةً أنّ الخط العربي يستحق الصبر والدقة والمواظبة والتأني عبر طريق طويل مليء بالجمال، مثمّنةً ترتيبات الشارقة للملتقى الذي وصفته بأنّه التقاء ثقافات إنسانيّة تحمل الحبّ العميق للغة العربية وجوهرها الأصيل، وهو الخطّ العربي الذي يتم التعبير به عن كلّ المكنونات والرؤى والأفكار بالقلم والرسومات والزخارف من خلال الحرف العربي لإبداع أروع الأشكال وأرقاها.
عربيّاً، تقول الفنانة اليمنية بيان باربود، وهي تشرح عن عملها «القبلة»، كتجسيم يحمل كلاماً جميلاً في صفات الرسول، صلى الله عليه وسلم، ويتخذ شكل الدائرة حول الكعبة، إنّها سعيدة بأن تعرض عملها في ملتقى ضخم يجعل الفنان الإماراتي والعربي يسير بثقة واطمئنان على طريق الاحتراف، مؤكدةً ما يحمله الفن عموماً والخط العربي على وجه التحديد من أفكار عظيمة حول ذات الإنسان ورؤيته للأشياء. وكجانب ديني، تقول إنّ فلسفة عملها لها أبعاد إنسانيّة وجوهريّة مبنية على يقين بمحبة الجوهر والصفات الأصيلة ضمن مركزية القدوة واحترامها، بشكل فني. وترى الفنانة باربود أنّ وجود ورشات داخل هذا الملتقى المستوفي لشروط أعماله الفنية ومدّته الزمنية، يؤدّي معنى تكامليّاً في شروحات الأعمال ورؤية بدايات التجارب للفنانين المشاركين.
محطة فنية عربية
يقول الفنان الإماراتي عمران البلوشي، إنّ الشارقة أصبحت محطّة فنيّة عربية وعالميّة يسعد كلّ فنان ومثقف بأن يشارك فيها ويحضر في ملتقياتها الكثيرة، ومنها ملتقى الخطّ العربي الذي عزّز ثقة الفنان المحلي الإماراتي بذاته وأكّد حضوره وحقّه في المنافسة وحصد الجوائز في أيّ مجال. ويشرح البلوشي عن مشاركته في معرض «امتنان» الذي يحمل أقوال وحكمة صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مؤكّداً توظيف الخطّ في الاعتزاز بنصائح وتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة ودعمه المتواصل للمثقفين والمبدعين، حيث يغلب على الأعمال المعروضة في هذا المجال الإعلاء من أطوال الحروف وسموّها للتعبير عن قوّة الثقافة والكتابة من منظور حاكم الشارقة ورؤيته لدور المثقف ورسالته النبيلة في الحياة.
