فاطمة عطفة (أبوظبي)
ثلاث روايات لمؤلفين من أجيال وبلدان وأساليب مختلفة هي: «المجاعة البيضاء» للفنلندي أكي أوليكانين، و«بيوغرافيا الجوع» للبلجيكية أميلي نوثومب، و«الفقراء» لدوستويفسكي، كانت موضوع المناقشة في جلسة افتراضية نظمها صالون «الملتقى الأدبي» وخصصها للقراءة في أدبيات الجوع تحت عنوان: «هل في الإبداع نبوءة»؟، وقالت أسماء صديق المطوع، التي أدارت الحوار: «نناقش أعمالاً أدبية تم اختيارها في موسمنا الجديد لكي نعيد قراءة الروايات التي تتحدث عن الجوع، لا لكونها أعمالاً إبداعية فحسب، بل أيضاً لنرى كيف تضمنت رؤية مستقبلية، ونعرف كيف رصد الأدب تغير أحوال الناس، وكيف تعاطى الأبطال المختلفون مع مسائل الفقر للخروج من دائرته في ثقافات مختلفة، بحيث نرسم خطاً مشتركاً بين هذه الكتابات بما يجمع تجاربنا المتشابهة، ويؤكد إنسانيتنا المشتركة».
وأشارت المطوع إلى أن هذه الروايات ركزت على موضوع الجوع، لكن عبر جغرافيات وأزمنة مختلفة، فمن ثلوج هلسنكي في ستينيات القرن التاسع عشر ومشاعر الجوع المختلط بالبرد، إلى رواية «المجاعة البيضاء»، والفقر الذي تعانيه شخصيات رواية «الفقراء» في روسيا القيصرية، وأخيراً إلى سواحل اليابان وأسوار الصين والولايات المتحدة وبنجلاديش والهند في القرن العشرين في رواية «بيوغرافيا الجوع»، وهي سيرة ذاتية تحكي الكاتبة فيها عن طفولتها وتنقلها بين الدول مع والدها الدبلوماسي من اليابان إلى الصين ثم أميركا فبنجلاديش والهند. ويحكي الكاتب في «المجاعة البيضاء» عن نزوح الفقراء من الريف للمدن في فنلندا عام 1867، هرباً من المجاعة الشهيرة وقتها، وذلك في صورة عائلة يسقط أفرادها واحداً تلو الآخر على الطريق إلى المدينة، حتى لا يبقى منهم إلا الطفل الصغير، وكأن الروائي آكي أوليكانين يريد أن يقول إن الفقر والجوع قد يقضي على الحاضر، لكنه لا ينال من المستقبل. وتناولت المداخلات المختلفة قسوة الحياة في معاناة الفقر والجوع والبرد وحتى الموت في هذه الروايات الثلاث، وقد جاء الموت بلونه الرمزي الأبيض في عنوان رواية أوليكانين، تاركا للقارئ التقاط الدلالة الرمزية، سواء في اللون الذي قد يكون خادعاً، أو في الموت الذي قد يكون خلاصاً من آلام الفقر والجوع. بينما جاءت رواية دوستويفسكي الشاب في شكل مراسلات متبادلة بين عاشق مسن وحبيبته الشابة، وقد انتهت بقسوة الفراق وهو نوع آخر من الموت.
أما رواية «بيوغرافيا الجوع» فكان لها النصيب الأكبر من النقاش، وخلال تنقلات الكاتبة بصحبة أمها وأختها مع والدهما الدبلوماسي عبر بلدان مختلفة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.