عدد اليوم
هو مَالِكُ بنُ أَنَسِ بنِ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِرٍ بنِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ الحِمْيَرِيُّ. أَبُو عَبْدِ اللهِ، أبوه وأعمامه من رواة الحديث، وجده مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ التَّابِعِيْنَ، أَخَذَ عَنْ عُثْمَانَ، وَطَائِفَةٍ من الصحابة، وولد فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، وَنَشَأَ فِي صَوْنٍ وَرَفَاهِيَةٍ وَتَجمُّلٍ، وكَانَ مَالِكٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً، وَأَجْلاَهُم عَيْناً، وَأَنْقَاهُم بَيَاضاً، وَأَتَمِّهُم طُوْلاً، فِي جَوْدَةِ بَدَنٍ.
طَلبَ مَالِكٌ العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَتَأَهَّل لِلْفُتْيَا، وَجَلَسَ لِلإِفَادَةِ، وَلَهُ إِحْدَى وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، فَأَخَذَ عَنْ: خيرة علماء ومحدثي عصره، واجتهد حتى قَصَدَهُ طَلبَةُ العِلْمِ مِنَ الآفَاقِ وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ إِلَى أَنْ مَاتَ، ولُقِّبَ بإِمَامِ دَارِ الهِجْرَةِ، وحَدَّثَ عَنْهُ عدد مِنْ شُيُوْخِهِ، وبلغ عَدَدُ الذين رووا عَنْهُ ما يُقَارِبُ أَلْفاً وَأَرْبَعمائَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ بِالمَدِيْنَةِ عَالِمٌ مِنْ بَعْدِ التَّابِعينَ يُشْبِهُ مَالِكاً فِي العِلْمِ، وَالفِقْهِ، وَالجَلاَلَةِ، وَالحفظِ، وكان لاَ يَرْوِي إِلاَّ عَمَّنْ هُوَ ثِقَةٌ عِنْدَهُ.
قَالَ عنه ابْنِ عُيَيْنَةَ: هُوَ عَالِمُ أَهْلِ الحِجَازِ، وحُجَّةُ زَمَانِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا ذُكر العُلَمَاءُ فَمَالِكٌ النَّجْمُ، توفي في رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وقصة الإمام مالك تبين أن للأسرة عموماً وللأم خصوصاً دوراً مهماً في تشجيع الأولاد وتحفيزهم على التعلم والإبداع، وأم الإمام مالك نموذج رائد في هذا الإطار، قال الإمام مالك: قلت لأمي أذهب فأكتب العلم؟ فقالت تعال فالبس ثياب العلم. فألبستني ثياباً مشمرة ووضعت الطويلة على رأسي وعممتني فوقها. ثم قالت: اذهب فاكتب الآن.
وقال رحمه الله: كانت أمي تعممني وتقول لي اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه.
وكان أبوه يقدر جهوده ويظهر ذلك، فقد كان الإمام مالك حين طلبه للعلم يتبع ظلال الشجر ليتفرغ لما يريد حفظه، فقالت أخته لأبيه: هذا أخي لا يأوي مع الناس. قال الأب: يا بنية إنه يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بيئة التحفيز والتقدير والتوجيه الصحيح خرج لنا إمام زمانه، وعالم أوانه، الإمام مالك بن أنس رحمه الله، فلنحرص على تشجيع أولادنا وحسن توجيههم.
