فاطمة عطفة (أبوظبي)
في إطار المعرض الجديد الذي أقامه متحف اللوفر أبوظبي بعنوان «التجريد وفن الخط – نحو لغة عالمية»، نظمت إدارة المتحف جلسة حوار افتراضية حول فن الخط العربي شارك فيها الفنان الإماراتي محمد مندي، وفي حديثه إلى (الاتحاد) أضاء مندى على تجربته الفنية الثرية، منطلقاً من المكان المحيط بالفنان وأثره الإيجابي في إبداعه.
بداية يقول الفنان محمد مندي: قبل إقامة هذا المتحف العظيم في أبوظبي، زرت «اللوفر» في مقره الرئيس في العاصمة الفرنسية باريس، وأعتقد أن كل فنان يحلم أن يعرض أحد أعماله فيه، وقد كتبت في مدخل اللوفر في إحدى زياراتي، وكان هناك تقدير للغة والعربية ولجمال الخط العربي وأثره الفني والجمالي في العالم، ونحن نشتغل عليه بالقصب والألوان، والخط العربي فيه سر لأنه مر في كل العصور وبقي واضحا في التاريخ.
ويشير مندي إلى أن «متحف اللوفر أبوظبي حافل بالأعمال والمدارس الفنية المتنوعة. وتابع «أحضر المعارض الفنية وأشاهد الأعمال في اللوفر لأحصل على أفكار جديدة، وكل فنان حسب رؤيته يستوحي من المكان الفكرة ويضعها في بحر أفكاره». وأكد مندي أن الأفكار مثل المحبرة والفنان يضع الأفكار في محبرته، أي مثل البحر بلون مائه الأزرق وأحيانا يظهر أخضر، وهكذا اللوفر محيط للفنون، مثل ماء البحر نستلهم منه الأفكار لتنقلها ريشة الفنان إلى الورق.
وحول جمالية الحروف العربية وتميزها بحركات فنية لا مثيل لها في اللغات الأخرى، وكأن لها أبعاد روحية، يقول مندي: الخط العربي والحروف العربية هي الوحيدة المنقطة إلا ما ندر في الإنجليزي، واسترجع مندي ذكرى الفنان الأمريكي محمد زكريا الذي دخل الإسلام متأثرا بالخط العربي وتعلم الخط بعد أن درس في اسطنبول، والآن هو فنان كبير ولديه أعمال كثيرة رغم أنه لا يتكلم العربية.
لكنه ينظر إلى الخط العربي على أنه جميل بتكويناته وأنواعه وحروفه بطرائقه المتميزة بين الخاء والعين والصاد والفاء والسين، كل هذه الأشياء جعلت هذا الفنان يتابع ويدرس الخط العربي ويصبح فنانا ومدرسا لفن الخط العربي، لذلك الخط العربي جميل بتكويناته وأنواعه.
وشرح الفنان مندي أن الأولين كانوا يقولون إن خط الرقعة لعامة الناس، خط الديواني للرسائل، خط الجلي للتكوينات والفنون، خط النسخ للقرآن، خط الثلث للمساجد والواجهات، الفرق بيننا وبين شعوب العالم أن اليابانيين والصينيين يكتبون بالفرشاة، والأوربيين يكتبون بريشة، نحن نكتب بالقصب، وأدواتنا للتخطيط تتكون من قلم وسكين وحرير وحبر، وفرشة القلم تأتي من الزرع، الورق من الشجر، والحبر جاء من الدخان، والحرير من دودة القز، بما يعني أن أدوات الخطاط هذه جميعها من الطبيعة. وأوضح الفنان مندي أن طلابه أكثرهم من اليابان والصين وإيران وإسبانيا، لذلك الخط العربي أثبت وجوده بجماله وتكويناته عبر العصور، وما زال حيا رغم الحداثة وهو موجود في متاحف العالم.
وعن البعد الروحي للحرف العربي وتأثير في الوجد الصوفي، قال مندي: الكتابة العربية لازمت كل العصور ومنها الصوفية، وأكثر نعمة للخط العربي أن القرآن الكريم كتب به، وأدوات الكتابة القصب والحرير والحبر، وهذه لها أثر صوفي حيث كان الخطاط القديم ينزوي لكتابة المصحف، يكتب كل يوم صفحة واحدة فقط ويبقى طول السنة ليكتب القرآن على عدد أيام السنة، وهذا هاجس صوفي بالكتابة، وأنا أفضل أوقاتي أن أمسك القلم وأكتب بهدوء لأن الكتابة تحتاج إلى صبر كبير.