محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)
يصف الكاتب والممثل المسرحي الإماراتي علي القحطاني، ظاهرة كورونا بـ«الأزمة الكونية» التي غيّرت العالم وشكلت حياتنا بالكامل، ومع ذلك لم يشعر بالرّهاب الذي يستحوذ على كثير من النّاس، في ظل مواجهة رسمية حاسمة ومتفائلة من جانب دولتنا الحبيبة، لمواجهة الوباء وهزيمته في النهاية. ويضيف القحطاني عضو جمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح، عضو فرقة مسرح دبا الحصن التي ساهم في تأسيسها عام 1992، قائلاً: مرحلياً علينا تعلّم كيفية التأقلم والتّعايش مع الفيروس، والعمل على تحقيق التّوازن بين رفع القيود واحتواء المرض.
ويضيف: «في أيام الحجر الأولى لم أجد أي فرق يذكر بين إيقاع حياتي قبل وبعد، لأنني في الأصل محبّ للعزلة، هارباً من فضاء عام لم يعد مريحاً، لكن بالمجمل أرى أن الحياة في الدولة تسير على طبيعتها، والأجواء ممهدة لممارسة مشاريعنا الفنية، بل على العكس أرى أن المشهد الإبداعي الإماراتي سواء على المستوى الافتراضي أو الجماهيري يسير بوتيرة متسارعة ومرنة، ويمكن مع الوقت والدعم الذي تقدمه الدولة من خلال مؤسساتها الثقافية والفنية، أن يعود كل شيء إلى طبيعته ولو بحدود أقل من السابق».
ويشير القحطاني إلى المشهد المسرحي الإماراتي الذي تأثر كثيراً بالجائحة كما في العالم، بعد أن أوصد عدد من المسارح أبوابها، في قيمة حضوره الجماهيري، وفي رهاناته الفكرية والجمالية، لكن هذا لا يعني أن يتوقف المسرح متقوقعاً بسبب أزمة عابرة، فقد تعرض «أبو الفنون» عبر تاريخه الطويل إلى تحديات وأزمات عدة، خاصة في العصور الوسطى، ومن ثم عاد من جديد لمواصلة رسالته التنويرية، وأرى أن جملة المبادرات والمشاريع التي يتبناها المسرحيون الإماراتيون اليوم – بعيداً عن العروض الجماهيرية – هي بمثابة استراحة المحارب، حتى تنطلق شرارة الإبداع من جديد، لأن الأزمات عادة ما تختمر في ذاكرة المبدع، فعزلة المسرح في زمن «كورونا» لن تزيده إلا توهجاً وألقاً، كذلك المخرجون وكتاب المسرح يستطيعون استنباط أفكار أعمال كثيرة، أنا شخصياً لدي العديد من الأفكار وأنتظر فقط الخروج من فوضى هذه الأزمة، حتى أترجمها إلى إنجازات تؤكد ريادة المسرح في الإمارات وقدرته على تجاوز التحديات.
ويوضح القحطاني أن المسرح والمسرحيين في عزلة تامة، أما الفنون الأخرى البصرية وغيرها فهي نشطة نسبياً، واقترح أن تقدم ندوات ومحاضرات وورش عبر وسائل التواصل الاجتماعي والوسائط الإلكترونية، فذلك أفضل من الركود الفني التام، مضيفاً: الفن والفنانون كشعلة الشمع إن انطفأت غاب نورها وتحتاج إلى طاقة حرارية ومجهود كي تستعيده فنياً وذهنياً وفكرياً، وأعتقد أن الفن بشكل عام والمسرح بشكل خاص من الفنون المتجددة وتحتاج دوماً إلى تفعيل هذا التجديد من خلال المحاضرات والورش التكوينية، وإنجاز المزيد من الأبحاث والدراسات والكتب حول فنون المسرح.