الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

اِشهد يا تاريخ.. 86% من مدربي كأس العالم بالصبغة الوطنية

اِشهد يا تاريخ.. 86% من مدربي كأس العالم بالصبغة الوطنية
17 ديسمبر 2022 00:26

علي معالي ومعتصم عبدالله (دبي)

قدمت فرنسا والأرجنتين في مونديال 2022، نموذجاً للكفاءة العالية عبر المدرب المواطن، حيث أكد تاريخ كأس العالم نجاح المدرستين في الاعتماد على المدرب المواطن ببراعة لقيادة «الديوك» و«التانجو» إلى إنجازات الدولتين، ليدخل على سبيل المثال المدرب الحالي لمنتخب فرنسا ديدييه ديشامب التاريخ بقيادته لـ«الديوك» في 3 نهائيات كأس عالم متتالية، 2014 و2018 و2022.
ويعتبر ديشامب المدرب الوحيد في تاريخ فرنسا الذي يقود منتخب بلاده في 3 نهائيات، وحقق اللقب مرة 2018، وعلى بُعد خطوة واحدة من تحقيق اللقب الثاني، عندما يلتقي الأرجنتين في المباراة النهائية غداً، وستكون المرة الأولى كذلك في حال فوزه بالمونديال أن يحقق مدرب مواطن اللقب مرتين متتاليتين، حيث سبقه إيمي جاكيه بالفوز لمرة واحدة وكانت 1998 في البطولة، التي جرت في فرنسا، وكان ديشامب المدرب الحالي لاعباً في ذلك المنتخب، لتمر الأيام ويتولى قائد «الأزرق» في مونديال 1998 تدريب منتخب بلاده في كأس العالم «روسيا 2018»، ويتوج باللقب للمرة الثانية في تاريخ فرنسا.
وربما يكون نفسه اللاعب والمدرب الحالي ديشامب بطلاً للنسخة رقم 22 المقامة في قطر، ليدخل هذا المدرب التاريخ من أوسع الأبواب، لأنه في حال تتويج فرنسا بالمونديال سيكون ديشامب ثاني مدرب في التاريخ يتوج باللقب مرتين متتاليتين، بعد الإيطالي فيتوريو بودزو الذي أحرز اللقب عامي 1934 و1938.

وفي المقابل نجد أن منتخب الأرجنتين الذي تأهل 18 مرة قاد التانجو خلالها 17 مدرباً وطنياً، وفازت باللقب مرتين 1978، تحت قيادة سيزار لويس مينوتي، و1986 مع كارلوس بيلاردو، وكان ترتيبها الثاني 1930 و1990 و2014، ووصلت إلى دور الربع النهائي أعوام 1966.1978.2006.2010.
وكانت المدرستين الفرنسية والأرجنتينية قد اعتمدت لمرة واحدة فقط على مدرب أجنبي، وشاءت الظروف أن يكون ذلك في مونديال واحد، وتحديداً خلال النسخة الثانية التي أقيمت 1934 في إيطاليا، حيث تولى الديوك الإنجليزي الراحل «جورج كيمبتون» مهمة تدريب الفرنسيين، وفي الأرجنتين تواجد الإيطالي الراحل فيليبي باسكوسكي.
ومنذ انطلاق كأس العالم في نسخته الأولى عام 1930 وحتى مونديال 2022، هناك 401 مدرب من جنسيات مختلفة تولوا تدريب 80 منتخباً خلال فترة «92 عاماً»، مثل تواجد المدرب المواطن ما نسبته 86%، بواقع 345 مدرباً، كما أنها المرة الـ 22 التي يكون طرفا قيادة كل منتخب في نهائي المونديال مدرباً وطنياً، وهذا تأكيد صارخ على تألق المدرب الوطني على مدار تاريخ اللعبة والبطولة العريقة.

اقرأ أيضاً: «ظاهرة المونديال» تثير التساؤلات.. كأس العالم للمدرب الوطني فقط

علق النجم الأرجنتيني الأسبق سيرجيو باتيستا مدرب منتخب الأرجنتين الأسبق، وهو واحد من العناصر التي حققت كأس العالم 1986 رفقة الأسطورة الراحل دييجو مارادونا، حيث عايش فترة المدرب الوطني الذي حقق معهم اللقب، وهو كارلوس بيلاردو، مؤكداً على نقطة جوهرية للغاية بقوله: «عندما كنا ندخل غرفة خلع الملابس بين شوطي المباراة تشعر بالجانب الوطني المهم، سواء من المدرب بيلاردو أو من خلال ما كان يتحدث به مارادونا لنا جميعاً، وكان المدرب يمنح مارادونا فرصة للحديث في هذا الجانب الوطني المهم للعب على وتر الحماس الكبير بالشعور الوطني لدى دييجو».
وقال باتيستا: «على مدار تاريخ الأرجنتين في كأس العالم، لم نر مدرباً أجنبياً يقود التانجو، وهذا مؤشر له نقطتان، الأولى وجود كفاءات تدريبية قوية لدى بلاد التانجو، إضافة إلى سياسة الاتحاد في ترسيخ مبدأ المدرب الوطني، ومن خلال هذه الظاهرة، نجد عدداً كبيراً من المدربين أصحاب الجنسية الأرجنتينية ينطلقون حول العالم بين منتخبات وأندية عالمية».
وقال المغربي سعيد شخيت مدرب فريق البطائح« إن ما حدث لمنتخب «أسود الأطلس» في مونديال 2022، يؤكد أن المدرب الوطني أصبح ضرورة لمنتخباتنا العربية، وما قدمه وليد الركراكي رسالة مهمة لكل الاتحادات العربية لكي تنظر إلى مدربيها بشكل أكثر إنصافاً للقدرات المحلية».
وأضاف:« صحيح أنه ليس دور الاتحادات تعيين المدربين، لكن دورها يأتي في كيفية الاستفادة من عناصرها المميزة في كافة المراحل السنية، وأن تمنح الفرص المناسبة للمدربين أصحاب الكفاءات، وأن تهتم بعمل دورات تدريبية مختلفة ومتطورة، وأن تتفاعل مع المجتمع الخارجي في عالم التدريب نظراً للتطور الكبير في هذا المجال».

باسل كوركيس: العزف على «أوتار» النجاح
دعا باسل كوركيس مساعد مدرب المنتخب العراقي السابق، إلى ترسيخ واقع جديد للمدربين الوطنيين على الصعيدين العربي والخليجي، انطلاقاً من تجربة عميقة ومهمة وكبيرة يقدمها لنا المونديال العالمي في قطر، خصوصاً الجانب المرتبط بالمدرب المغربي وليد الركراكي، الذي أرسى مفاهيم جديدة من شأنها أن تمهد الطريق لتعميق الرؤية الخاصة بإعادة منح الثقة للمدرب الوطني، بالقدر الذي يضعهم أمام مرحلة إيجابية قد تقودهم إلى واقع أفضل، لكتابة تاريخ جديد في أكبر البطولات على مستوى العالم. واستغرب كوركيس قناعة بعض المسؤولين في الاتحادات الرياضية العربية لكرة القدم، واستجابتهم للحملات الموجهة التي تنطلق عبر مواقع التواصل ضد بعض المدربين الوطنيين، استناداً إلى المثل العربي الشائع بأن «زامر الحي لا يطرب»، علماً بأن الصواب في هذا السياق أن العازفين في أوركسترا المدارس الوطنية التدريبية يمتلكون القدرة على «العزف الجميل»، من خلال الأداء المهني الرفيع الذي من شأنه أن يحقق النتائج الجيدة، لكن بالمقابل يجب أن يحصلوا على الفرصة المناسبة، والمناخ الملائم لأداء واجباتهم في أجواء مثالية. وقال كوركيس إن تاريخ كأس العالم خلال عقوده المختلفة كشف أهمية المدرب الوطني، كما أن التجارب العربية القليلة أثبتت قيمة الجهود التي يضطلع بها، وأذكر هنا مرحلة المدرب الراحل «عمو بابا»، وذلك عندما قاد منتخبنا الوطني العراقي في مونديال المكسيك 1986، بالإضافة إلى نجاحات أخرى مشهودة، بجانب غيره من المدربين العرب الذين وضعوا بصمة إيجابية في مشوارهم المهني ولم تكتب لهم الاستمرارية، لأنهم ربما لم يحصلوا على الدعم اللائق لمتابعة مسيرتهم التدريبية، والثقة المطلوبة لإثراء الواقع الرياضي بتجارب ملهمة، أو تعرضوا لحملات انتقصت من دورهم المتميز، فأدى ذلك إلى خروجهم من المشهد إلى غير عودة.

ماهر الكنزاري: التجارب العربية تستحق 
توقع ماهر الكنزاري المدير الفني لمنتخب تونس الأولمبي، استمرار اعتماد المنتخبات الوطنية في مختلف دول العالم على المدربين الوطنيين في السنوات المقبلة، مع بعض الاستثناءات التي قد تؤدي إلى تغيير الاستراتيجيات التي تستشرف المستقبل، بما يتماشى مع التطلعات الخاصة بكل منتخب، لاسيما إذا وضعنا في الاعتبار أن هناك توجهات عدة قد تختلف حسب الظروف المرتبطة برؤية كل منتخب. وأوضح الكنزاري أن نسبة ومؤشرات النجاح للمنتخبات التي تخوض غمار المنافسة في أكبر البطولات لكرة القدم على مستوى العالم بالمدربين الوطنيين تصل إلى 90%، وهذه المخرجات الجيدة على صلة بالتأثير الإيجابي المرتبط بالمدرب الوطني في كل دولة، ولا ننسى أنه سيكون مؤهلاً للاضطلاع بهذه المهمة قياساً بخبرته المهنية في هذا المعترك وتجاربه المتنوعة في المجال التدريبي. واعترف الكنزاري بتعاظم حالة الضغوط على المدربين الوطنيين على مستوى المنتخبات العربية في المنطقة الأفريقية وتحديداً في تونس والجزائر ومصر وليبيا والمغرب، لكن بالقدر نفسه هناك رؤية واضحة للمنتخبات الخليجية في الاعتماد بشكل كبير على الخبرة التدريبية الأجنبية رغم أن المطلوب في هذا السياق منح الفرصة لأبناء هذه الدول لخوض هذه التجربة استناداً إلى معايير خاصة بالاتحادات الخليجية، وهناك تجربة جديرة بالاعتبار متمثلة في المدرب الإماراتي مهدي علي، الذي أثبت قدراته المهنية الممتازة مع المنتخبين الأول والأولمبي في الإمارات. وأضاف: «المشكلة بتقديري أن المنتخبات العربية لا تتحلى بالصبر على المدربين الوطنيين، ويجب أن تكون هناك إدارات مسؤولة تمنحهم قدراً من الثقة، وهناك علامات استفهام على تقدير الجهود التي يضطلع بها المدرب الوطني، وذلك على غرار ما حدث في طريقة الإقالة غير الجيدة للمدربين للمصريين إيهاب جلال وحسام البدري من تدريب المنتخب الوطني، وهذا المثال مع غيره من الأمثلة المتنوعة، يؤكد أن المدرب في الدول العربية لا يلقي التقدير ذاته الذي يحظى به نظيره الأجنبي».

زاجالو «أيقونة» السامبا
سيظل البرازيلي ماريو زاجالو «أيقونة» عالمية كونه أحرز كأس العالم أربع مرات، على مدار ما يقرب الأربعين عاماً وهو أمر لم يتكرر، وهذا ما قام به زاجالو كلاعب في 1958 و1962، ثم مدرباً في 1970، وكمساعد مدرب عام 1994، كما أشرف كمدرب أيضاً على وصول البرازيل إلى نهائي مونديال 1998.

فيتوريو الوحيد بثنائية..!
يعتبر الإيطالي فيتوريو بودزو المدرب الوحيد حتى الآن، الذي أحرز بطولة كأس العالم مرتين متتاليتين عامي 1934 و1938، ليصبح بذلك الرجل الذي صنع إرث المنتخب الإيطالي في المونديال، بل هو«الساحر التكتيكي»الذي رسم ملامح الكرة الإيطالية عبر تاريخها خلال العقود الماضية وصولًا إلى الوقت الحالي، حيث تمتع بودزو بالعبقرية التكتيكية والابتكار الخططي.

بكنباور «علامة فارقة»
«بكنباور» ليس فقط من قلائل المدربين الذين وصلوا نهائيين متتاليين في 1986 و1990، بل هو الوحيد بعد ماريو زاجالو الذي فاز بالمونديال كلاعب عام 1974 وكمدرب في 1990، وحتى وإن لم تكن مسيرته بذلك النجاح كمدرب على صعيد الأندية.

يظل بكنباور علامة فارقة في تاريخ كأس العالم كمدرب، خاصة عندما يأتي الحديث عن أفضل من يتحكمون في خصومهم «نفسياً» مثلما حدث في المباراة النهائية لنسخة 1990.

المدرب الوطني «توصيات» في سطور:
‫- المدرب الوطني متابع دقيق لكرة القدم في بلاده وعلى معرفة بخبايا اللاعبين.
- المدرب الوطني الأقل إثارة للمشاكل مع النجوم المحترفين في الملاعب الأوروبية.
- عادة ما يكون المدرب الوطني الأكثر دراية وخبرةً بظروف وأحوال الفريق واللاعبين والبلاد.
- عامل اللغة يختصر الكثير من الوقت والجهد على صعيد التواصل المباشر.
- التدرج الطبيعي للنجوم الدوليين في الملاعب يفرز في العادة مدربين وطنيين أكثر نجاحاً.
- يلهم نجاح منتخبات البرازيل وألمانيا في المشاركات المونديالية السابقة تجربة المدرب الوطني في بطولات كأس العالم.
- يمثل المدرب الوطني خياراً استراتيجياً للمنتخبات كونها لا تتمتع برفاهية الوقت لتجريب الخطط الفنية المعقدة والأساليب الحديثة في اللعب التي يتبعها المدربون الأجانب.
- مونديال 2022 برهن على أفضلية المدرب الوطني بقيادة 15 من أصل 16 مدرباً منتخب بلادهم إلى دور الستة عشر قبل أن يكمل ثمانية الطريق إلى ربع النهائي وصولاً إلى النهائي بين مدربين وطنيين لمنتخبي الأرجنتين وفرنسا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©