يوسف العربي (أبوظبي)
شهد قطاع الصناعات الدوائية والرعاية الصحية تطورات متسارعة خلال الفترة الماضية، بعد أن أظهرت تبعات جائحة «كوفيد-19» أهمية قطاع علوم الحياة والدور الحاسم الذي يمكن أن يؤديه لتحقيق الانتعاش طويل الأجل، فضلاً عن أهميته البالغة بوصفه محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي.
ويشكل مجمع علوم الحياة الذي يقع في العاصمة أبوظبي ويتبع لقطاع المدن الاقتصادية والمنطقة الحرة ضمن مجموعة موانئ أبوظبي، مركز جذب رئيس لهذه الأنشطة، لا سيما وأنه صمم خصيصاً لتلبية الاحتياجات المتنامية لهذا القطاع، ويوفر المجمع العديد من المزايا والخدمات الفريدة التي تشكل دعماً مهماً لمنظومة عمل الشركات العاملة في مجال علوم الحياة سواء من خلال الخدمات المتميزة، والبنية التحتية عالمية المستوى، أو من خلال مزايا الربط متعدد الوسائط التي تتيح للمؤسسات وصولاً سهلاً إلى جميع أسواق المنطقة بأعلى درجات الكفاءة.
وأكدت شركات عاملة في هذا القطاع لـ «الاتحاد» توجهها للتوسع في أبوظبي في ظل وجود فرص حقيقية لتأسيس عملياتها في مناطق قريبة من بعض أسواقها الرئيسية، واستطاعت أبوظبي استقطاب اهتمام كبرى الشركات والمؤسسات الجديدة لتأسيس مقرات لها في الإمارة بعد أن رسخت الإمارة لنفسها موقعاً رائداً ضمن منظومة الرعاية الصحية في المنطقة.
ويوفر مجمع علوم الحياة العديد من المبادرات الأخرى التي تضيف قيمة كبيرة للشركات العاملة ضمنه، بما في ذلك البرنامج الوطني للجينوم الذي يعد الأكثر شمولاً في العالم ويعمل بالذكاء الاصطناعي، والبنك الحيوي المركزي وتسلسل الجينات، إضافة إلى الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها فيما يخص تبادل المعلومات الصحية الرائدة، وربط المستشفيات والتأمينات والنظم الصحية الأخرى، وتوافر مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال. وتشير دراسة أجرتها شركة الاستشارات الاقتصادية العالمية «فيتش سوليوشن» إلى توقعات بوصول قيمة قطاع الصناعات الدوائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحدها إلى 60 مليار دولار بحلول عام 2025، وأظهرت الدراسة أن شركات الصناعات الدوائية في المنطقة باتت الآن على أعتاب مرحلة مهمة من النمو والازدهار خلال الأعوام المقبلة، حيث بدأت تتطلع إلى المزيد من التعاون في الأنشطة المتعلقة بعمليات البحث والتطوير والتصنيع بالإضافة إلى تراخيص التسويق.
خطوط إنتاج
أشار منير حداد، الرئيس التنفيذي لمجموعة أبوظبي الوطنية للمشاريع الصناعية «أدنيب» المالكة لشركة أبوظبي للمستلزمات الطبية والمشرفة على تطوير أعمالها وتوسعاتها، إلى أن الشركة بدأت بإضافة خطوط إنتاج جديدة إلى محفظة منتجاتها الحالية لزيادة الطاقة الإنتاجية من الحقن والمستلزمات الطبية المعدة للاستخدام مرة واحدة، كما تتطلع الشركة إلى إضافة المزيد من خطوط الإنتاج.
وقال: إن النجاح الذي حققته الشركة وخطط النمو والتوسع اللافتة، التي تعتمدها في أعمالها بشكل كبير، ارتكز على الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به إمارة أبوظبي على مفترق الطرق التجارية الدولية بين آسيا وأفريقيا. وأضاف: الشركة تستفيد بشكل كبير من المزايا المتعددة التي تحصل عليها بفضل وجودها ضمن مجمع علوم الحياة التابع لمجموعة موانئ أبوظبي، بما فيها الحوافز الحكومية، وتوافر المواد الخام من اللدائن البلاستيكية بأسعار تنافسية.
ونوه بأن التكاليف المنخفضة لعملية الإنتاج بشكل عام، بفضل توافر المواد الرئيسية التي تدخل في صناعات الشركة ضمن إمارة أبوظبي، من المزايا الرئيسة الأخرى.
ويتيح المجمع لجميع الشركات العاملة في الصناعات الدوائية وفورات كبيرة في التكاليف عبر الاستفادة من ميزة وجود مجمع اللدائن البلاستيكية في موقع مجاور لها، خصوصاً أن طاقته الإنتاجية تصل إلى ما يقرب من 400,000 طن من منتجات اللدائن سنوياً.
جودة المنتجات
من ناحيته، أشار زهدي صوالحي، الرئيس التنفيذي لشركة «أدكان فارما» التي تتخذ من إمارة أبوظبي ومجمع علوم الحياة مقراً لها، إلى أن جودة المنتجات تشكل إلى جانب أسعارها التنافسية أهم العوامل التي تسهم في ترسيخ موقع الشركات في سوق المنتجات الدوائية وتعزيز قدرتها على توفير منتجاتها لجميع المرضى وبأسعار مناسبة.
ونوه بأن «أدكان فارما» المتخصصة في صناعة أدوية الأورام والأدوية المتخصصة ساهمت بشكل كبير في تلبية الطلب المتنامي لسوق المنتجات الدوائية في دول مجلس التعاون الخليجي.
وأوضح صوالحي أن الشركة افتتحت أحدث مرافقها لإنتاج الأدوية في عام 2021 لتكون أول مركز لإنتاج الأدوية الخاصة بأمراض السرطان في الإمارات، وتواصل التقدم في خططها الاستراتيجية الرامية إلى تصنيع أكثر من 500 ألف كبسولة دواء سنوياً خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، مع مواصلة النمو لتصل طاقتها الإنتاجية الكاملة خلال الأعوام المقبلة إلى أكثر من مليار كبسولة دواء سنوياً.
وأكد أن «أدكان فارما» تضمن لمتعامليها أعلى مستويات الجودة المقرونة بالأسعار المناسبة، لذلك اختارت تأسيس عملياتها في إمارة أبوظبي بفضل العوامل التي ستمكنها من الوفاء بالتزامها تجاه متعامليها، والتي تشمل الحوافز التي يتم توفيرها للمصنع المحلي في مجمع علوم الحياة والتكاليف الثابتة والإدارة الفعالة لعمليات سلسلة التوريد.
لقاح محلي
وأشار ناصر علي خميس ناصر اليماحي، الرئيس التنفيذي للعمليات لشركة «جي 42» للرعاية الصحية إلى أن إطلاق «حياة- فاكس» وهو أول لقاح (كوفيد-19) يتم تصنيعه محلياً في الدولة، يعد من أبرز الإنجازات الأخيرة التي حققتها الشركة، إذ يتم إنتاج هذا اللقاح من قبل شركة «حياة بيوتك» وهي مشروع مشترك بين «جي 42» وشركة «سينوفارم» الصينية. وأوضح أن «كيزاد» شكلت الخيار المثالي والأكثر منطقية خلال قيام الشركة بعملية تقييم استراتيجي للمواقع التي ستؤسس فيها مشروعها، حيث تتواجد البنى التحتية عالمية المستوى والتي تتيح للشركة المشاركة بفعالية في منظومة علوم الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما تسهم في ضمان سلامة منتجاتنا أثناء التوزيع وكفاءتها، ويوفر المجمع ربطاً مباشراً بالعديد من الأسواق حول العالم. وأضاف اليماحي: «استفادت «جي 42» من الدعم الكبير الذي وفره مجمع علوم الحياة مثل المرافق الجاهزة، وقطع الأراضي المخدّمة بالكامل، ومجمعات الأعمال الداعمة لمشاريع الشركات الناشئة، والحلول المخصصة التي يقدمها».
أبوظبي للمستلزمات الطبية تعرف طريقها إلى الأسواق العالمية
تعتبر شركة أبوظبي للمستلزمات الطبية، الشركة الرائدة في دولة الإمارات العربية المتحدة والمتخصصة في تصنيع الحقن الطبية ومستلزمات الوقاية الشخصية، من الشركات العديدة التي وفر لها وجودها ضمن مجمع علوم الحياة في قطاع المدن الاقتصادية والمنطقة الحرة التابع لمجموعة موانئ أبوظبي العديد من الفوائد والمزايا التي مكنتها من تطوير أنشطتها لتتمكن من تصنيع المنتجات المخصصة للاستخدام مرة واحدة، وتعزيز دورها في دعم جهود الهيئات الطبية لمنع انتشار الأمراض والأوبئة حول العالم.
وتتضمن الأسواق الرئيسية للشركة العديد من المناطق بما فيها العراق وشبه القارة الهندية، وتمكنت من خلال شراكتها الاستراتيجية مع منظمة الصحة للبلدان الأميركية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من فتح الباب واسعاً أمام فرص واعدة في كل من أميركا اللاتينية وأفريقيا.