حسام عبدالنبي (دبي)
يفكر الكثير من أفراد المجتمع في الاستثمار في الأسواق العالمية والتداول عبر «الإنترنت»، ولكنهم يترددون في اتخاذ قرار الاستثمار في ظل تبادر العشرات من الأسئلة إلى أذهانهم، والتي تدفعهم إلى تأجيل اتخاذ القرار نظراً لعدم وجود إجابات واضحة لها. و«الاتحاد» تجيب عبر التقرير التالي عن عددٍ من الأسئلة التي وردت لها من مستثمرين يرغبون في التداول عبر «الإنترنت»؛ من أجل وضع الحقائق والصورة كاملة أمام المستثمر وتمكينه من اتخاذ القرار الصحيح.
كيف أستثمر؟
(أرغب في الاستثمار، ولكن لا أعرف الطريق أو كيفية التعامل في الأسواق العالمية)، وهنا يقول علي حسن، الرئيس التنفيذي لشركة إيفست للتداول عبر الإنترنت، إن أول خطوة للتعامل في الأسواق العالمية اختيار منصة التداول أو الشركة التي يتم التعامل معها، والتأكد من أنها مرخصة لضمان أمن وأمان بيئة التداول، ثانياً النظر في الخدمات الإضافية التي تقدمها، خاصة خدمات التعليم للمستثمرين الجدد، منبهاً أن الأهم من كل ما سبق ذكره، هو إدراك ماذا يهدف الوسيط وكيف سيقوم بذلك، وعندها يمكن تتبع مسار نجاح هذا الوسيط في خدمة العميل من خلال التزامه باستراتيجية العمل الخاصة به.
ويحدد حسن، الخطوات المطلوبة لبدء التعامل مع شركة الوساطة، فيقول: إن البداية تكون بإتمام عملية التسجيل من خلال نموذج التسجيل الموجود على الموقع الرسمي للشركة المرخصة، مع ضرورة التأكد من وجود الشعار الرسمي للشركة عند التسجيل عبر المواقع الإلكترونية أو الإعلانات التابعة لشركات التداول.
وأضاف أن المرحلة التالية في أي شركة مرخصة وخاضعة للوائح القانونية، تتطلب من العميل الراغب في التداول تفعيل حساب التداول بالقيام بثلاثة أمور تأتي كجزء من متطلبات الخضوع لدائرة الامتثال لدى الجهات المانحة لترخيص الوساطة، والتي تم تصميمها كجزء من القانون الدولي لمكافحة غسيل الأموال، وهي الإجابة على استبيان معرفة العميل، ثم إثبات هوية صاحب الحساب، وأخيراً إثبات محل الإقامة، ناصحاً العملاء بقراءة اتفاقية العميل بتمعن لفهم التفاصيل بدقة.
وذكر حسن، أن الحصول على تدريب يعد من الأمور الضرورية قبل بدء التداول لأن إحصائيات مهنة الوساطة، تظهر أن ما يقارب الـ 90% من حالات الخسارة التي يتكبدها العميل تُعزى في المقام الأول إلى نقص المعرفة في هذا المجال، وهذا الأمر لا يصب بمصلحة أي شركة وساطة.
وبين أن العلاقة بين الوسيط والعميل مبنية على المصلحة المشتركة، فاستمرار نجاح الوسيط مرهون بنجاح تداول العميل، ولذلك يجب على شركات الوساطة أن تبذل كل الجهد الممكن لتوفير كافة السّبل الممكنة لتعليم المتداول (بغض النظر عن مستوى الخبرة لديه) بكافة الوسائل المتاحة لديها. وأشار إلى أن غالبية الشركات الكبيرة تخصص عبر موقعها الإلكتروني قسماً تعليمياً يحتوي على مقالات وكتب إلكترونية ومقاطع فيديو لتعليم التداول، حيث إن شركات الوساطة غير مسموح لها بتقديم النصائح للمتداول.
ماهي المحاذير؟
عن محاذير التعامل والنقاط التي يجب أن يدركها العميل الجديد قبل بدء الاستثمار، أفاد حسن، بأن سوق تداول العملات والسلع والأسهم وغيرها من الأدوات المالية، هو سوق ذو تقلّب سعري عالٍ جداً، وهذا يجعل مستوى المخاطر المتأصلة فيه مرتفعة، ولذلك فإن تعلّم التداول هو خط الدفاع الأول للمتداول، منبهاً إلى أنه من الضروري جداً أن يترك العميل حزام أمان أمام صفقاته المفتوحة لحماية الصفقات والحساب من التحركات السعرية العكسية المفاجئة، وتكوين حزام الأمان يتم من خلال حجم الرصيد وحجم الصفقات بالنسبة لحجم الرصيد.
كيف أحول الأموال؟
وفيما يخص وجود قيود على تحويلات الأموال لبدء التداول أو لتحصيل الأرباح والمبلغ المسترد، خاصة للشركات المرخصة التي تعمل خارج الدولة، أجاب حسن، بأن العملية غاية في البساطة والسهولة، وبإمكان العميل أن يختار تمويل حساب التداول الخاص به، إما عن طريق بطاقة الصراف الآلي، أو بطاقة ائتمان أو حوالة بنكية.
وقال: إنه يتم إيداع أموال العميل في حساب التداول على الفور، وفي حال طلب عملية السحب، تماماً كما في الحوالات في البنوك، تتم مراجعة طلب عملية السحب والموافقة عليها خلال 7 أيام عمل كحد أقصى.
مكافأة تداول... لماذا؟
(تعرض جميع شركات الوساطة مكافأة تداول للمستثمرين الجدد في صورة مبلغ للاستثمار مجاناً، ما يثير الشكوك حول أهدافها، فلماذا تدفع شركة لعميل في الوقت الذي يجب هو أن يدفع لها مقابل خدماتها؟) يجيب علي حسن، بأن حجم التداول في الأسواق المالية يتعدى الـ 5 تريليونات دولار بشكل يومي، وأغلب المتداولين في هذه الأسواق لا يستطيعون تخيل قدر السيولة التي تتشكل في هذه الأسواق.
وأكد أنه لذلك تمنح الشركات العميل ما يعرف بـ «البونص» لحماية حسابه من تحرّكات السوق المفاجئة، وذلك لأن أغلب المتداولين يبدأون مسيرتهم في عالم التداول بحساب صغير نسبياً قد لا يتحمل أخطاء المبتدئين، مشيراً إلى أنه فيما يخص الرافعة المالية، فهي أداة مبنية على خوارزميات تعمل على زيادة قدر النقد الذي يستطيع المتداول التحكم فيه في سوق المال لكي تكون أرباحه ذات جدوى اقتصادية.
كيف أختار السوق؟
(أفكر في الاستثمار ولكن لا أعرف في أي سوق عالمي يمكن أن أستثمر، وماهي الأسس الصحيحة للاختيار؟)
يؤكد يوغيش خيراجاني، محلل أبحاث الاستثمار في «سنشري فاينانشال»، أن الشركات توفر منصة للتداول في عددٍ كبير من الأسواق العالمية، ولكن عند الاختيار غالباً ما ينظر المستثمرون إلى البلدان التي تحقق نمواً اقتصادياً بشكل أسرع، على أساس أن ذلك النمو المرتفع يفترض أن يساعدهم على تحقيق عائدات ضخمة.
وقال: إنه في كثيرٍ من الأحيان يطبّق المستثمرون نظرية «سلوك القطيع» لعدم تفويت اتجاهات السوق والتي تكون مثيرة للاهتمام، بالإضافة إلى ذلك، فمن المرجح أن يكون المستثمرون منحازين للاستثمار في سوقٍ مألوفةٍ لديهم لأنهم يشعرون بالراحة فيها، داعياً المستثمرون إلى عدم التركيز فقط على اتباع السوق، والنظر في العديد من العوامل الأخرى والتي قد تختلف من شخص لآخر، وموضحاً في الوقت ذاته أن الأمر يجب ألا يقتصر على مكان الاستثمار جغرافياً، بل يتضمن أيضاً اختيار فئة الأصول الصحيحة، كالسندات والأسهم والاستثمارات البديلة والأصول الحقيقية التي يتم اختيارها بناءً على المخاطر والعائد للمستثمرين.
وأشار إلى أنه يجب على المستمرين من جميع أنحاء العالم النظر في الاستقرار بين العملة التي يكسبون بها والعملة التي يستثمرون بها لتجنب فقدان عوائدها في حال انخفاض قيمة العملة، مبيناً أن المستثمرين في دولة الإمارات لديهم ميل داخلي للأسواق المالية الأميركية، خاصةً أن الدرهم الإماراتي مرتبط بالدولار الأميركي، ما يعني أن العوائد من السوق الأميركي أكثر استقراراً نسبياً من أي سوق مالي آخر.
كيف أختار نوع الاستثمار؟
وفيما يخص أسس اختيار مجال الاستثمار في ظل تعدد المنتجات الاستثمارية، أجاب خيراجاني، بأن الأمر قد يبدو صعباً، فعلى سبيل المثال توفر شركة «سنشري فاينانشال» أكثر من 40 ألف منتج، مع فرصة للتنويع في الاستثمار من أكثر من 100 مؤشر، وأكثر من 130 سلعة، وأكثر من 2000 صندوق استثمار متداول، وأكثر من 330 عملة.
وذكر أنه غالباً ما يميل العملاء إلى اختيار استثماراتهم بناءً على رغباتهم، ولكن دائماً ما يكون القرار الأذكى هو استشارة اختصاصي في السوق واختيار المنتجات الاستثمارية بناءً على الأشياء الخاصة بالمستثمرين، كالعمر والقدرة على المخاطرة والاستعداد للمخاطر واحتياجات السيولة والأفق الزمني.
وأوضح أنه بصرف النظر عن هذه الأمور التي تختلف من شخص لآخر، فمن المفيد للمستثمرين اتباع قواعد بعض القواعد الشائعة، ومنها (قاعدة 120 ناقص عمرك)، حيث تنص هذه القاعدة على أن الأفراد قد يحتفظون بنسبة مئوية من الأسهم تساوي 120 ناقص عمرهم، فمثلاً إذا كان المستثمر يبلغ من العمر 60 عاماً، فإن 60% من المحفظة ينبغي أن تكون أسهماً، أما الباقي فيجب أن يتألف من أصول أكثر أماناً نسبياً مثل السندات، حيث يوفر هذا وسادة أمان للمستثمرين الأكبر سناً، منوهاً أن القاعدة الثانية لاختيار نوع الاستثمار هي (الاستثمار القائم على الهدف) إذ يشجع هذا المفهوم المستثمرين على تقسيم محفظتهم الاستثمارية لتحقيق هدف مالي، ما يسمح للمستثمرين بالفصل بين الاحتياجات والرغبات، وتعديل قدرة تحملهم للمخاطر مع كل هدف بشكل مستقر.
ماهو أفضل توقيت لبدء الاستثمار؟
يتردد البعض في اتخاذ قرار الاستثمار في ظل تقلبات الأسواق العالمية، ولكن في المقابل يرى البعض أن التقلبات في حد ذاتها تمثل فرصة للربح، وهنا ينصح يوغيش خيراجاني، دائماً بمراعاة نسبة العائد مقارنةً بالمخاطر عند وضع استراتيجيات استثمارية للمحافظ، وبالتالي تصميم الاستراتيجيات على أفضل نحو، كالاستثمارات المتنوعة إلى حدٍ كبير إلى جانب مراكز التحوط الجزئية، مؤكداً أن التقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية سلاح ذو حدين، إذ أن التقلبات طويلة المدى عادةً تعكس أقساط المخاطر ولذا تطور علاقة إيجابية مع العائدات، بينما التقلبات قصيرة المدى تعكس الصدمات، مما يسبب علاقة سلبية بين التقلب والعائد، ولذلك يفضل المستثمرون عموماً مستويات جيدة من التقلبات، حيث إن عدم وجود التقلبات قد يؤدي إلى عدم تغير أسعار الأدوات المالية أو التداول في نطاق ضيق للغاية، ولذا ستكون فرصة الربح محدودة.
هل التفرغ مطلوب؟
من الأسباب التي قد تدفع البعض للتراجع عن الاستثمار في الأسواق العالمية، أن الأمر يبدو شاقاً للغاية ويتطلب التفرغ الكامل للاستثمار نظراً لأن الأسواق العالمية تعمل على مدار 24 ساعة، وتعقيباً على ذلك أفاد يوغيش خيراجاني، بأن الأسواق المالية بشكل عام تعمل على مدار اليوم، إذ إن أسواق الأسهم وأسواق «الفوركس» العالمية لديها جلسات تداول حول العالم، ولكن أسواق السلع مفتوحة على مدار 24 ساعة، 5 أيام في الأسبوع.
وقال: إن الطريقة الأمثل للحفاظ على صحة العقل مع جلسات التداول التي لا تتوقف، هو التركيز على المكونات الكلية التي تؤثر على الاقتصاد والتحلي بالصبر على أوامر الاستثمار، مشدداً على أن اللحظات اليومية في الأسواق أمر لا مفر منه، ويجب ألا تستند قرارات التداول على كل حركة، ولكن من المهم مراجعة جلسات التداول على أساس روتيني.
ونصح خيراجاني، بتجنب التغيير الكبير في التمسك بالمراكز والخسائر الكبيرة، عبر قيام المستثمرين في كثيرٍ من الأحيان بوضع حدود للمراكز، مثل حدود الشراء ووقف الخسائر لاستغلال الحركة المفاجئة في أدوات التداول بين عشية وضحاها أو أثناء الابتعاد عن شاشتهم، منبهاً أنه من المستحسن عدم الاحتفاظ بالمراكز المتأرجحة، ويجب على المستثمرين الدخول في مراكز الأسهم أو تحقيق مكاسب خلال ساعات التداول الأولية من اليوم، حيث يكون الحجم والتقلبات أعلى بكثير.