من بواكير روائع الكاتب الكولومبي «غابرييل غارثيا ماركيز أو غابو كما يحب أن يناديه محبوه وأصدقاؤه 1927- 2014»، رواية «مائة عام من العزلة» أو بالإسبانية «Cien años de soledad» والتي كتبها «ماركيز» عام 1965 في المكسيك، وتتحدث عن كولومبيا، وظهرت عام 1967 في الأرجنتين، ثم ترجمت إلى ثلاثين لغة، وتعدت نسخ طباعاتها 30 مليون نسخة، نقلها إلى «العربية» الصديق الغائب «صالح علماني» المترجم الفلسطيني الذي ولد في حمص، وتوفي في بلنسيه، نال عنها كاتبها جائزة نوبل للأدب عام 1981، هذه الرواية التي بقيت حبيسة الكتب، لم يسمح «ماركيز» بظهورها على الشاشة، مثل بقية أعماله، فقد كان يعارض هذا الأمر، ولا يرضخ لأي إغراءات مادية، سبقتها إلى السينما أختها الصغرى الجميلة للغاية رواية «الحب في زمن الكوليرا El amor en los tiempos del cólera»، وقد ترجمها لـ«العربية» أيضاً المترجم «صالح علماني»، عام 2007، وجسد شخصية البطل فيها الممثل الإسباني الرائع والحائز جائزة الأوسكار عن تمثيله فيلم «لا وطن للعجائز No country for old men» «خافيير بارديم»، لكن الفيلم لم يرتقِ لجمال الرواية بعكس رواية «قصة موت معلن» ورواية «ليس لدى الكولونيل من يراسله» وهما من ترجمة «صالح علماني» أيضاً، لأنهما تحولتا لأفلام قوية للغاية فنياً وأدبياً.
الحديث عن تلك الرواية العالمية «مائة عام من العُزلة» يتجدد الآن بعد عرضها كمسلسل من 8 حلقات يوم الأربعاء المنصرم، ولمائة وتسعين بلداً حول العالم، غير أن كولومبيا كان لها احتفاء مميز ومختلف بها وبصاحبها اللذين جلبا الشهرة المختلفة لكولومبيا غير تلك الشهرة والصورة النمطية عنها؛ إجرام سياسي، تجارة مخدرات، تهريب وفساد، فقد حضر العرض الأول الرئيس الكولومبي والوزراء والمشاهير وأبطال وطاقم العمل الفني وأفراد عائلة «ماركيز» في العاصمة الكولومبية «بوغوتا» في حفل فني وتراثي جميل.
العمل الذي حصلت على حقوق إنتاجه إحدى منصات العرض الرقمية عام 2019، عد تحدياً حينها بعد الكثير من المعارضات، تغلب على أكثرها بإسناد دور كبير وأمين لابن «ماركيز» كمنتح منفذ «رودريغو غارثيا بارشا»، في حين الإخراج وتحويلها سينمائياً أسند للمخرج الأرجنتيني «أليكس غارثيا لوبيز».
وبعد مشاهدة حلقتين من هذا المسلسل الذي انتظره العالم لسنوات، يمكننا القول: إنه مسلسل مشجع للغاية، في محاولة التقرب والتقارب مع رواية عظيمة من أدب الواقعية السحرية اللاتينية، ومن أجواء ذاك الكاتب الذي لن يتكرر «غابو»!