أبوظبي (الاتحاد)
في مشهد غير مسبوق على مدرجات استاد محمد بن زايد بنادي الجزيرة بأبوظبي أمس، في قمة الهلال والمريخ «كلاسيكو السودان» رسمت الجماهير باللونين الأزرق والأحمر لوحة رائعة في المدرجات التي توسطها شعار «عام زايد»، وعلما الإمارات والسودان الشقيق، في مشهد استثنائي يعد بمثابة أعظم استفتاء لحب زايد في قلوب السودانيين الذين تسابقوا بالآلاف لحضور هذه المناسبة التاريخية التي جاءت احتفالية على كأس زايد.
وإن كانت صافرة حكمنا الدولي محمد عبدالله حسن قد انطلقت في الثامنة مساء، إلا أن المباراة بدأت في المدرجات قبل 5 ساعات من هذا التوقيت عبر جمهور قطبي الكرة السودانية الذين كان هتافهم عالياً «الإمارات.. الإمارات»، وبلغ عنان السماء عندما أنهت فرقة العيالة عرضها الذي قدمت فيه فنوناً من تراث الدولة، استمر نحو نصف ساعة في استهلال كرنفال القمة السودانية وتجاوب معه المدرجان الأحمر والأزرق، ثم تلت ذلك فرقة الباليمبو الفلكلورية السودانية التي قدمت فواصل من الفنون المتنوعة من مختلف مناطق السودان، شماله وجنوبه وشرقه وغربه، جمعت ما بين الحماس والفروسية التي عرف بها المجتمع السوداني، ورافقت العرض رقصات شعبية.
وفي صورة مشابهة للقاءات الفريقين في معقلهما أم درمان قبل كل مواجهة تجمعهما كان التدافع لحضور المباراة كبيراً جداً، وفوق العادة، حيث اصطف المشجعون بالآلاف عند مداخل الاستاد قبل ساعات من بداية اللقاء، وحتى قبل انطلاقته بوقت قصير في صورة تعكس حرص الجمهور السوداني الشقيق من الجالية السودانية المقيمة في بالدولة على إنجاح هذا الحدث الاستثنائي الذي يقام للمرة الأولى، خاصة أنه يحمل اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي جمعته بالسودان بالذات علاقة حب ممتدة لم ينقطع وصالها بعد رحيله، ورعتها من بعده القيادة الرشيدة، ليكون الوفاء بهذا الحجم الكبير في هذه الليلة التي لن تبارح ذاكرة التاريخ ليس الرياضي فحسب، بل تاريخ العلاقة بين البلدين، فلن يذكر الإمارات والسودان معاً إلا وتكون هذه ذكرى «كلاسيكو السودان» حاضرة.
ورغم الساعات الطويلة التي قضاها الجمهور داخل الملعب قبل المباراة، لم يكن للملل وجود، لأن الأجواء كانت رائعة في جميع تفاصيلها، والفقرات الترفيهية التي قدمت كانت ممتعة، وتفاعل معها الحضور بشكل كبير لتكون خير تمهيد للكلاسيكو الكبير.
ولم يكن الحضور مقتصراً على فئتي الكبار والشباب فقط، بل حضرت الجماهير بكبارها وصغارها وشيبها وشبابها، في ليلة التقى فيها الأحباء بالأحباء والأصدقاء لتكون المناسبة ليست مباراة كرة قدم فقط، بل فعالية رياضية ثقافية اجتماعية بامتياز عنوانها الأبرز «حب زايد».
وقد أحسن مجلس أبوظبي الرياضي الذي عملت لجانه التابعة للجنة المنظمة كخلية النحل، وواصلت العمل ليلاً ونهاراً حتى يخرج هذا الحفل الذي رعاه منذ أن كان فكرة ليتحقق على أرض الواقع، ويخرج بهذا الجمال الفريد.
«إزيكم».. ترحب بالجمهور
قدمت فرقة موسيقى شرطة أبوظبي، عرضاً موسيقياً رائعاً للأغنية السودانية الأكثر شهرة في الوطن العربي «إزيكم كيفنكم» التي صدح بها الفنان الراحل سيد خليفة، الذي كان له الفضل في نشر الأغاني السودانية والتعريف بها.
وتجاوب الجمهور مع العرض بترديد كلمات الأغنية في أجواء بهيجة قبل أن يحيي الفرقة على هذا العرض الذي جاء بعد إحماء الفريقين، وقبل انطلاقة المباراة.
الجمهور يحتفي بـ«العجب»
احتفى جمهور المريخ بالدولي السابق فيصل العجب نجم المريخ والمنتخب السوداني، الذي شارك في الاستوديو التحليلي لقناة أبوظبي الرياضية، والذي كان مصادفة بالقرب من المدرج الأحمر.
والعجب يعد واحداً من بين أمهر اللاعبين الذين أنجبتهم الملاعب السودانية عبر تاريخها، ويعد من النجوم الذين لم تبدلهم أو تغيرهم الشهرة، وقد تجاوب العجب مع الجمهور، وبادلهم التحية بحب كبير.
100 صحفي في قلب الحدث
ضاقت الأماكن المخصصة للإعلاميين في استاد محمد بن زايد على سعتها بالحضور من الزملاء الإعلاميين من داخل الدولة وخارجها، وقد تعدى عددهم 100 إعلامي، وهذا الرقم يعكس الأهمية الكبيرة لكلاسيكيو السودان في أبوظبي، والذي شهد تغطية غير مسبوقة في مشهد يذكر بالبطولات القارية أو العالمية. وحرص الإعلاميون السودانيون على عكس صورة مشرقة للدولة والتنظيم الجيد، والحفاوة إلى الشارع الرياضي بشكل خاص.
جمال سالم.. «صافرات الغضب» !
استقبال متباين وجده الحارس الأوغندي جمال سالم لاعب المريخ السابق والهلال الحالي، ففي الوقت الذي استقبلته جماهير المريخ لحظة دخوله لإجراء الإحماء بصافرات الاستهجان والغضب وجد استقبالاً حاراً من المدرج الأزرق، ورحبت به الجماهير الهلالية وهتفت باسمه.
يذكر أن هذه أول مباراة يوجد فيها جمال في قائمة الهلال بشكل عام، وأمام المريخ بالذات بعد 4 أعوام قضاها مع الفريق الأحمر.
أمسية تاريخية في شاطئ الراحة
حققت الأمسية الغنائية والشعرية التي أقيمت أمس الأول على شاطئ الراحة في أبوظبي، نجاحاً كبيراً، بالحضور اللافت من أبناء الجالية السودانية الذين تفاعلوا مع الفقرات الغنائية والشعرية التي شهدتها الأمسية، بمشاركة من الفنانين مأمون سوار الذهب والصادق شلقامي وهدى عربي، إلى جانب المشاركة المتميزة للشاعرة نضال الحاج. وتفاعل الحضور مع الفقرات، وعبروا عن تقديرهم للجهود التي بذلت من اللجنة المنظمة للحفل الساهر، الذي شهد ليلة سودانية خالدة في ذاكرة الجمهور، خصوصاً التفاعل الوطني مع القصائد الشعرية من الشاعرة المتألقة نضال الحاج.