حسام عبدالنبي (دبي)
كشفت بيانات وزارة التخطيط التنموي والإحصاء في قطر والتي حصلت عليها «الاتحاد»، تراجع عدد سكان الدولة من 2.58 مليون نسمة في نهاية يونيو 2018 إلى 2.561 مليون نسمة في نهاية أغسطس الماضي، بانخفاض بلغ نحو 190 ألف نسمة.
وأظهرت البيانات الرسمية تراجع عدد السكان الذكور من 2.034 مليون في مايو الماضي إلى 1.954 مليون في يونيو الماضي بنسبة 3.9% وبواقع 79.592 ألف ذكر، وفي المقابل كانت نسبة الانخفاض في عدد الإناث أكبر إذ بلغت 10.3% من 697.899 ألف إلى 626.315 ألف أنثى ما يعني مغادرة 71.584 ألف أنثى من السكان لدولة قطر، مؤكدة استمرار مسلسل هروب العمالة والكفاءات من قطر لتردي الأوضاع الاقتصادية، حيث غادر 151 ألف وافد قطر خلال شهر يونيو الماضي لينخفض عدد سكان الدولة من 2.73 مليون نسمة في شهر مايو إلى 2.58 مليون نسمة في يونيو الماضي.
وكانت أعداد العمالة الأجنبية في قطر تراجعت بنسبة 6.2% خلال الربع الثاني من العام الماضي بعد 10 أسابيع من المقاطعة التي فرضتها الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب، وبنحو 123.8 ألف عامل وبمعدل 57 عاملاً كل ساعة، وكان ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم وتأخر صرف الرواتب من أهم العوامل وراء تلك الظاهرة حتى إن العمالة الأجنبية اضطرت إلى تنظيم إضراب لإعلان تضررهم من عدم تسلم رواتبهم.
وتظهر الإحصائيات الرسمية في قطر أن العمالة الأجنبية تشكل نسبة 94.8% من قوة العمل في القطاعين الحكومي والخاص، فيما تشكل نسبة القطريين 5.2% فقط من عدد المشتغلين.
وأقرت وزارة التخطيط التنموي والإحصاء في قطر بارتفاع معدلات التضخم بعد الزيادات الكبيرة في أسعار السلع في ظل المقاطعة، حيث أصدرت الوزارة الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر أغسطس 2018، والذي بلغ 108.95 نقطة (محسوب على سنة الأساس 2013)، مسجلاً ارتفاعاَ بنسبة 0.04% مقارنة مع الشهر السابق يوليو 2018، وبنسبة 0.6% مقارنة مع الشهر المناظر لعام 2017.
وعند مقارنة المكونات الرئيسة للرقم القياسي لشهر أغسطس 2018 مع الشهر السابق يوليو2018 (التغير الشهري)، يتضح أن هناك ارتفاعاً في خمس مجموعات، وانخفاضاً في ثلاث مجموعات، وثبات الرقم في المجموعات الثلاث الباقية.
حدث الارتفاع في مجموعة التعليم بنسبة 1.5%، تليها مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 1.07%، ومجموعة النقل بنسبة 0.29%، ومجموعة الغذاء والمشروبات بنسبة 0.28%، ومجموعة الأثاث والأجهزة المنزلية بنسبة 0.02%. أما الانخفاض، فقد حدث في مجموعة السكن والماء والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى نسبة 0.71%، تليها مجموعة السلع والخدمات الأخرى بنسبة 0.64%، ومجموعة المطاعم والفنادق بنسبة 0.11%.
وبمقارنة شهر أغسطس 2018 مع الشهر المناظر له في عام 2017 (التغير السنوي)، يتبين حدوث ارتفاع في الرقم القياسي العام مقداره 0.6%، وهو ناتج عن محصلة الارتفاع في سبع مجموعات هي: النقل بنسبة 8.4%، تليها مجموعة الصحة بنسبة 4.27%، ومجموعة الأثاث والأجهزة المنزلية بنسبة 2.67%، ومجموعة الملابس والأحذية بنسبة 2.65%، ومجموعة التعليم بنسبة 2.44%، ومجموعة الترفيه والثقافة بنسبة 2.07%، ومجموعة المطاعم والفنادق بنسبة 1.74%.
أما بالنسبة للانخفاضات السنوية، فقد حدثت في أربع مجموعات هي: الاتصالات بنسبة 11.86%، تليها مجموعة السكن والماء والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 3.27%، ومجموعة الغذاء والمشروبات بنسبة 2.6%، ومجموعة السلع والخدمات الأخرى بنسبة 0.4%. ولم يحدث أي تغير لمجموعة التبغ.
من جهته، قال طارق زياد الوتار، المؤسس والشريك في شركة ليمتليس بيزنيس أفينيو، إنه تلاحظ في الآونة الأخيرة أن بعض الخبراء والكفاءات من العاملين في قطر يحاوطهم القلق في البقاء والعمل في الدولة نتيجة تخوفهم من انخفاض العملة القطرية بشكل مفاجئ ومن ثم انخفاض حجم الأعمال، مؤكداً أن هجرة الكفاءات والخبرات والشركات الأجنبية في قطر أصبح وارداً بقوة ما سيكون له تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد.
وأوضح الوتار، أن تراجع حجم عمليات الشركات العاملة في قطر في ظل القرارات الحاسمة التي اتخذتها الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب بإغلاق المنافذ البرية والبحرية، يزيد من خسائر تلك الشركات، وتالياً ستكون مضطرة إلى تخيير العمالة والخبرات ما بين قبول انخفاض أجورهم ورواتبهم الشهرية أو ترك العمل، مشيراً إلى أن مثل هذا الأمر سيدفع المزيد من العقول والخبرات ذات الكفاءة إلى الرحيل، فضلاً عن زيادة معدلات البطالة لعدم القدرة على خلق المزيد من الوظائف.
وذكر أن ارتفاع معدلات التضخم وزيادة تكلفة المعيشة يجبران العمالة الأجنبية والكفاءات إلى مغادرة قطر، لاسيما أن المقيمين في الدولة اعتادوا أن يحصلوا على أغلب المواد الغذائية من دول خليجية وعربية عدة ذات جودة عالية وبأسعار (رخيصة)، ناهيك عن الثقة في بلد المنشأ للمنتج والذي كان يطمئن المستهلكين بشأن الجودة وإجراءات التصنيع، لافتاً إلى أن تزايد قلق المغتربين حول نمط المعيشة في قطر لعدم توافر أساسيات الحياة وصعوبة السفر، ما قد يدفعهم بعد فترة لمغادرة البلاد، وعلى ذلك فإن الاقتصاد القطري في عدد من القطاعات سيتأثر.