تلمستُ حالة من الارتياح والرضا والتقدير الكبير أيضاً لدى عدد كبير من جمهور المستهلكين من المواطنين والمقيمين خلال مرافقتي وعدد كبير من الإعلاميين حملة تفتيشية دورية موسعة ومفاجئة نفذها جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية على عدد كبير من المخابز ومحال صناعة وبيع الحلويات في العاصمة أبوظبي خلال الأسبوع المنقضي، وفي الوقت الذي تنشط فيه حركة المخابز ومحال الحلويات والأسواق بشكل عام في مثل هذه الأيام من كل عام قبيل وأثناء شهر رمضان الفضيل. لم أشغل نفسي كثيراً بما يقوم به مفتشو الحملة من جهدٍ أو إجراءات بقدر ما كنت أحاول أن أرصد انعكاسات وردود أفعال المستهلكين أنفسهم، وكيف ينظرون إلى مثل هذا العمل وهذا الجهد الراقي الذي يستهدف في النهاية الحفاظ على صحتهم وتحقيق سلامتهم الغذائية والصحية كإجراء وقائي راقٍ يجسد اهتمام الدولة وأجهزتها التنفيذية المعنية بصحة وسلامة جمهور المستهلكين، وتتعايش معهم لحظة بلحظة.
حقيقة.. استحضرت كلمات وتأكيد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس مجلس إدارة جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، بأن أهم ما يسعى الجهاز إلى تحقيقه يتمثل في تغيير انطباع متداولي الغذاء، وأصحاب المنشآت والقائمين عليها، من أن عمل الجهاز يتمثل ويتمحور حول فرض العقوبة أوالغرامة، بل يتعدى دوره في الارتقاء بمستوى أعمالهم، وتعزيز صناعتهم وحماية وارداتهم من خلال تعريفهم بالقانون الغذائي للدولة. والجهاز يضع دائماً صحة وحياة المستهلكين وأمنهم الغذائي في الأولويات التي لا يسبقها شيء في خطط الجهاز الاستراتيجية، وأن جهود الجهاز التوعوية على الصعيد المجتمعي أثمرت في تفعيل مبدأ "المستهلك الرقيب" الذي يتعاون بعد إحساسه بارتفاع مستوى وعيه الغذائي واتساع دائرة معارفه باستراتيجية الجهاز وأنشطته من خلال مراقبة كل ما يجري في السوق المحلي والإسراع بالإبلاغ عن أي مخالفة أو ملاحظة.
ثقة المستهلك
حرص عمر عتيق "موظف" على إبداء ارتياحه مما يرى، حيث تصادف وجوده للتسوق من أحد المحال الكبرى خلال قيام الحملة التفتيشية، وقال: "شيء عظيم أن يلمس المستهلك بنفسه ويرى بأم عينه هذا الجهد الكبير الذي تقوم به هيئة أبوظبي للرقابة الغذائية بشكل دوري مكثف على المحال العامة والمطاعم والأسواق من أجل التأكد من سلامة المواد الغذائية المطروحة للاستهلاك، ومن أجل تنفيذ استراتيجية وقائية تستهدف حماية المستهلك من الأذى أو الضرر، وهذا من شأنه أن يخلق حالة من الثقة بين الجمهور وأجهزة الدولة المعنية بحياته وصحته وسلامته الغذائية، والثقة أيضاً في سلامة المعروض من سلع متنوعة ومتعددة في الأسواق سواء أكانت سلعاً معلبة أو تصنع طازجة يوماً بيوم كالمخابز والأفران ومحال صناعة الحلوى، وهو بلاشك مجهود كبير يستحق التحية والتقدير والإشادة".
وتضيف عفراء الجنيبي "ربة منزل": "إن ما يثلج صدورنا حقيقة أن نلمس بأنفسنا حرص الأجهزة الحكومية المعنية على صحة المواطن والمقيم وسلامته، وأظن أن القيام بمثل هذه الحملات الدورية بشكل طبيعي أو زيادتها في مثل هذه الأيام قبيل حلول شهر رمضان المبارك أمر طبيعي نظراً لأن حركة البيع والتسوق تزداد بشكل كبير في المواسم والأعياد، وبعض المحال تجدها فرصة لتصريف منتجات غير سليمة أو اقتربت صلاحيتها من الانتهاء، أو قد تهمل في تطبيق الاشتراطات الصحية السليمة نوعاً ما أمام تزايد الطلب، وبالتالي فإن تكثيف الحملات التفتيشية المفاجئة والدورية على الأسواق أمر مطلوب ومهم، ويحظى بثقة الناس وتقديرهم؛ لأنها تستهدف في الأساس وقايتهم وحمايتهم من الضرر".
وتكمل عفراء: "أظن أن المقصود من مثل هذه ليس تصعيد الأخطاء الواقعة في التخزين أو العرض أو طرق التصنيع وخلافه، وإنما هو التأكد من تطبيق مواصفات السلامة الغذائية في المقام الأول، وهذا من شأنه تعزيز ثقة المواطن والمقيم فيما يطرح في الأسواق، ويخلق نوعاً من الثقة بين البائع والمستهلك".
وعي المستهلك
من جهة أخرى، تؤكد إيمان الطحان "ربة منزل" أن قيام جهاز الرقابة الغذائية في أبوظبي بمثل هذه الحملات التفتيشية من شأنه أن يوجد حالة من الارتياح والرضا لدى جمهور المستهلكين، ومن جانب آخر يسهم في إيجاد حالة جيدة من الوعي الاستهلاكي، والثقافة الغذائية عند الناس، حيث يدرك المستهلك أهمية الاطلاع على تاريخ صلاحية المنتج، ويدرك أهمية الالتزام بالمواصفات والاشتراطات الصحية المفروضة، ويتعلم كيف يتفحص جيداً ما يشتري، ويدقق جيداً في جوانب المنتج كافة ومدى صلاحيته للاستهلاك، بل وكيفية اختيار المنتج الأجود، ويتعلم أيضاً كثيراً من الجوانب الفنية أو الصحية للمنتجات المصنعة يدوياً، كما نرى في المخابز والأفران والمطاعم ومحال صناعة الحلوى، أو أي منتج طازج كالفواكه والخضراوات ومنتجات العصائر وما يدخل في صناعاتها من مواد حافظة أو مضافة أو نكهات صناعية أو ألوان مسموحة وغير مسموحة وهكذا".
ثقافة غذائية
تؤكد سالي رشدي "صيدلانية بإحدى شركات الأدوية" أن حرص جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية على القيام بمثل هذه الحملات بشكل دوري ومكثف من شأنه أن يسهم في إشاعة ونشر ثقافة غذائية وصحية جيدة بين جمهور المستهلكين، فإننا لا نغفل الاستفادة التي تتحقق على صعيد الوعي الغذائي والتثقيف الصحي من خلال لفت الانتباه إلى أمور مهمة مثل البلد المنشأ للسلعة المستوردة وطرق الحفظ السليمة والعرض الجيد، وطرق التعامل مع المنتجات الطازجة وطرق التبريد والحفظ والتغليف وطرق ووسائل التصنيع الصحية والسليمة، وكيفية تداول السلعة من بداية الإنتاج ومروراً بالنقل والشحن حتى تصل إلى مكان العرض أمام المستهلك، ثم توعية المستهلك بطرق الحفظ والاستخدام، ومراعاة جوانب مهمة مثل تواريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، إلى جانب إيجاد حالة من الوعي فيما يتعلق بالمكونات التي تدخل في التصنيع كالإضافات والمكونات الصناعية كالنكهات والملونات الصناعية والمواد الحافظة ونسبها المسموحة وهكذا، وكثيراً ما نجد أن هناك عدداً كبيراً من المستهلكين يدققون في هذه الجوانب ويسألون عنها، وهذا لم يكن موجوداً في السابق، ومن المؤكد أن اهتمام جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية بهذه الجوانب من شأنه أن يلفت اهتمام المستهلك نفسه، وبالتالي يصبح لديه وعي وثقافة غذائية وصحية سليمة.
ويضيف أبوبكر الزعابي "موظف": "إن اهتمام أجهزة الدولة ممثلة في جهاز الرقابة الغذائية يجسد حرص الدولة على سلامة وصحة جميع المستهلكين باختلاف انتماءاتهم وجنسياتهم، ومن دون شك أن تعدد المصادر الغذائية المستوردة إلى السوق المحلي، أو المنتجة محلياً يضعنا أمام مسؤولية خطيرة في كيفية التحكم والسيطرة والرقابة الغذائية، لا سيما خلال أيام الصيف، حيث ترتفع درجتا الحرارة والرطوبة ويسهل فساد كثير من الأطعمة إن لم يتم التعامل معها بشكل علمي وصحي سليم، حيث تتعرض كثير من السلع المنقولة أو المستوردة أو المنتجة محلياً إلى التلف، وتتعرض السلع المصنعة محلياً إلى عوامل تلف سريع إن لم يتم تحري الدقة في التعامل معها في المخابز والمصانع والمحال والمطاعم بشكل سليم، فحرارة الجو والرطوبة العالية يسهمان كما هو معروف في سرعة تكاثر ونمو وانتشار كثير من البكتيريا الضارة، والمستهلك لا يمكنه أن يحكم عليها بمجرد النظر، فإن التدقيق والرقابة والتفتيش من قبل أجهزة معنية بذلك ما من شك أنها تحقق مبتغاها حرصاً على سلامة وصحة المستهلك الذي يمكن أن يفوته أو لا يستطيع الحكم بسلامة هذه المواد الغذائية من عدمها، وأناشد جميع المستهلكين إبداء التعاون مع الأجهزة الرقابية المعنية، وأن يتحروا الدقة وعدم التساهل أو الإهمال، ومن دون شك أننا كمستهلكين لسنا ضد صاحب المحل أو المصنع هنا أو هناك، فهو يقدم خدمة استهلاكية للناس، إنما لا يجب أن نغفل التقيد بمواصفات الجودة والسلامة حرصاً على صحة المستهلك وسلامته أولاً".
خط أمان
وترى زينة مشاري "طالبة" أن جهود جهاز حماية المستهلك تمثل خط أمان ووقاية لا يمكن إغفالها، وفي المقابل إنها تسهم بشكل مباشر في رفع الوعي الغذائي واتساع معارف المستهلكين، وبالتالي تنمي لديهم مفهوماً إيجابياً تجاه أهم جوانب حياتهم اليومية، وكيفية إسهامهم في تنمية الحس السليم فيما يتعلق بالوعي الصحي والغذائي.
وتضيف زينة: "أسعدني كثيراً كما أسعد جمهور المستهلكين من مواطنين ووافدين مقيمين على أرض الإمارات أن نسمع مسؤولاً كبيراً بحجم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وهو يؤكد أن (صحة الجمهور وسلامتهم الغذائية خط أحمر لا يمكن تجاوزه مهما كانت التحديات)، وأظن أنه ليس هناك اهتمام ورقي في التعامل مع مشكلات واهتمامات واحتياجات الناس اليومية أكثر وأبلغ من ذلك، وما أراه في الأسواق من حملات دورية متتابعة من قبل الجهاز المختص، إنما هي حالة متحضرة ومسؤولة للإحساس بالمسؤولية وتترجم توجهات القيادة الرشيدة وحرصها على سلامة الناس وصحتهم".
تقول علياء الدرمكي "موظفة": "إن جهود (أبوظبي للرقابة الغذائية)، وما نراه دائماً من حملات تفتيشية على الأسواق، إنما هي جهود توعية مجتمعية قبل أن تكون جود ضبطية أو عقابية، لأنها تؤسس لمستقبل غذائي مثمر من خلال إشراف الجهاز بشكل واسع ومتخصص على عملية إنتاج وتسويق السلع الغذائية حتى تصل إلى مائدة المستهلك، حيث تصبح عملية الإنتاج الغذائي وترويجه وتسويقه خاضعة لرقابة متواصلة ومتابعة محكمة، في الوقت نفسه ما يحقق الهدف الأسمى للجهاز، وهو الوصول لمنظومة السلامة الغذائية المتكاملة التي تشمل منشأ الغذاء، وتراقب مراحل تصنيعه، وإنتاجه وتضمن سلامته في منافذ البيع ليصل إلى المستهلك بأعلى المواصفات الغذائية، ومن شأنه تطوير التشريعات وبرامج التطبيق المتعلقة بسلامة الأغذية بما يحقق الحماية للصحة العامة، ونشر المعرفة والتوعية في المجتمع حول سلامة الغذاء، وتشجيع استخدام الإجراءات غير الضارة بالبيئة، وتحسين وتعزيز استخدامات التكنولوجيا لرفع الكفاءة وتمكين التميز. فعملية الإنتاج الغذائي خاضعة لرقابة متواصلة ومتابعة محكمة في الوقت نفسه بما يحقق الهدف الأسمى، وهو الوصول إلى منظومة السلامة الغذائية".
مسحات عشوائية
بينما كان مفتشو الجهاز منهمكين في القيام بواجبهم في جنبات أحد المخابز الكبرى الشهيرة، انبرى سلطان الفارسي رئيس فريق الحملات بقسم التفتيش العام للإشراف على أخذ مسحات عشوائية من أيدي العمال العاملين في المخبز وتعليبها وإرسالها إلى معامل الفحص المتخصصة للكشف عن نوع البكتيريا الموجودة، والتأكد من خلو أيدي العمال من الميكروبات الضارة خلال إعدادهم أصنافاً متعددة من المأكولات والحلويات.
وقال الفارسي: "تعليمات التشغيل تؤكد استعمال (القفازات) البلاستيكية المصنوعة لهذا الغرض لأن الأيدي البشرية وسيط نشط للاحتفاظ بالميكروبات والبكتيريا الضارة ونقلها ومن ثم نولي هذا الجانب أهمية كبيرة، إلى جانب تغطية رأس العامل بغطاء بلاستيكي أثناء التشغيل للسبب نفسه وحتى نتجنب سقوط شعيرات الرأس في الأطعمة والمأكولات، هذا إلى جانب خضوع العاملين كافة في المخابز ومحال تصنيع الخبز والحلوى والمطاعم للكشف الطبي الدوري للتأكد من خلوهم من الأمراض السارية أو المعدية، كذلك نهتم بمسح أسطح الأرضيات وأماكن وأدوات العمل وأماكن حفظ الأطعمة بمسحات مشابهة للسبب نفسه".
ويضيف محمد البريكي: "من أعضاء فريق التفتيش": "إن عملنا يركز على الجوانب المهمة ذات الصلة المباشرة بالأيدي العاملة وأماكن التصنيع والإعداد والحفظ والعرض، والأماكن غير المرئية تحديداً والتي لا يراها المستهلك، إنما هي مناطق وجوانب في غاية الأهمية؛ لأنها مكمن الخطورة في نقل الأمراض أو تجنباً لوجود أي تلوث محتمل، الكشف عن صور الإهمال التي يمكن أن تسبب كثيراً من المشكلات الصحية للمستهلك عبر المنتج نفسه؛ لذا فنحن نهتم بنظافة العامل، والأدوات المستخدمة، وأماكن العمل وبيئة التصنيع ومدى مطابقة كل ذلك للاشتراطات الصحية التي تضمن السلامة الغذائية من العمل في جو ومناخ صحيين وتبريد سليم، ومراحل إنتاج وتغليف أو تعليب أو تخزين سليمة وآمنة تماماً حتى نضمن وصولها إلى المستهلك في حالة جيدة".
ويكمل عبدالرحمن خليل الحمادي "من فريق التفتيش" أيضاً، خلال تفقده أحد المطاعم المتخصصة في بيع "سندويتشات" الفول والفلافل: "في مثل هذه الأمكنة من أماكن بيع الطعام الطازج للجمهور نتأكد من تطبيق مواصفات السلامة الغذائية من حيث نظافة المواد الأولية وجودتها وعدم تلفها، ونظافة العمال والتزامهم بالنظافة الشخصية وارتداء القفازات اللازمة، إلى جانب نظافة الأواني والأدوات المستخدمة في الإعداد، ومراعاة فحص الزيوت المستخدمة أولاً بأول، إلى جانب كيفية وطرق البيع المباشر والتغليف، وجودة المخللات والخضراوات الطازجة الموجودة بالمحل، دون أن نهمل جودة البيئة المحيطة بالعمل من أجهزة تكييف وشفاطات ووجود الثلاجات والمبردات اللازمة، وتطبيق الشروط الملزمة في جمع النفايات في الأماكن والطرق والمخصصة، وضمان التهوية الصحية الجيدة".
ويكمل محمد ناصر الكثيري "مفتش أغذية": "نحن بوصفنا مفتشين لا نستهدف تصيد الأخطاء على الطبيعة، وإنما نركز على اكتشاف أخطاء العمل في مراحل إنتاج الأطعمة الطازجة كافة، ويكون تركيزنا منصباً على الأماكن المخفية في المطابخ والأدوات الموجودة بها والتأكد من نظافتها وخلوها من مسببات التلف والعفن وانتشار بؤر البكتيريا الضارة، والتأكد من التزام جميع العاملين بالمواصفات المطلوبة، ويتم تدوين الملاحظات إن وجدت بشكل دوري وإبلاغ صاحب المحل بها، ومن ثمّ مراجعة ومتابعة تنفيذها وتلافيها، وبالتالي تصبح العقوبة أو الغرامة على أي مخالفة واجبة التنفيذ، فالأساس في عملنا الجانب الوقائي والاحترازي الذي يحقق الهدف الأهم وهو سلامة المستهلك".
من جانب آخر، يُشارك محمد صبحي "شيف صناعة حلويات غربية" في أحد المحال بالقول: "نحن كجهة منتجة وتتعامل مع الجمهور بشكل مباشر من خلال صناعة وبيع الحلويات الشرقية متعددة الأصناف، يهمنا أن نلتزم بالمعايير والاشتراطات والمواصفات الصحية المطلوبة كافة، حيث يهمنا في المقام الأول أن نحرص على زبائن المحل وسمعته من خلال جودة التصنيع، إلى جانب الالتزام بكل المعايير، ومن المؤكد أننا لن نضيق ذرعاً بمثل هذه الحملات التفتيشية؛ لأنها في النهاية تحقق الهدف الذي نسعى إليه، وهو كسب ثقة الجمهور، والمستهلكين من مثل هذه الحملات تفيدنا في مراجعة أنفسنا من خلال تطبيق الملاحظات التي يسجلها مفتشو الحملة أولاً بأول".
الأمن الغذائي.. هدفنا الأول
يؤكد محمد جلال الريايسة مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، أن فلسفة القيام بحملات التفتيش الدورية على الأسواق والمحال العامة والمطاعم والمخابز والأفران ومصانع الحلويات ترتكز على استراتيجية مهمة نستلهمها من توجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس مجلس إدارة جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، وتتمثل في تغيير انطباع متداولي الغذاء، وأصحاب المنشآت والقائمين عليها، من أن عمل الجهاز يتمثل ويتمحور حول فرض العقوبة أوالغرامة، بل يتعدى دوره في الارتقاء بمستوى أعمالهم، وتعزيز صناعتهم وحماية وارداتهم من خلال تعريفهم بالقانون الغذائي الدولة.
وأن جهود الجهاز التوعوية على الصعيد المجتمعي أثمرت في تفعيل مبدأ “المستهلك الرقيب”، الذي يتعاون بعد إحساسه بارتفاع مستوى وعيه الغذائي واتساع دائرة معارفه باستراتيجية الجهاز وأنشطته من خلال مراقبة كل ما يجري في السوق المحلي والإسراع بالإبلاغ عن أي مخالفة أو ملاحظة. وتزداد أهمية مثل هذه الحملات قبيل شهر رمضان على اعتبار أنها حملات أقرب إلى الحملات المسحية التي تهدف إلى تنبيه القائمين على المنشآت الغذائية للاستعداد لشهر رمضان المبارك، وهذا الإقبال الكثيف قد يترتب عليه إهمال البعض للشروط الصحية المحددة، والبيئة المناسبة لحفظ المواد الغذائية.
وبالطبع، فإن الحملات مستمرة، إضافة إلى أن التفتيش الروتيني متواصل طوال أيام الشهر الفضيل، والجهاز يسعى إلى مراقبة التزام المنشآت الغذائية على مستوى الإمارة بالاشتراطات الصحية ومدى التزامها بشروط التخزين والنظافة وتطبيق العاملين فيها لهذه الاشتراطات، إضافة إلى سلامة طرق نقل المواد الخام التي تدخل في صناعة الأغذية.
ويسعى الجهاز عبر حملة التوعية إلى أن يكون المستهلك عيناً رقيبة على صحة وسلامة غذائه، ودعا الجمهور إلى التواصل مع الجهاز عند وجود أي مخالفات ـ على مدار الساعة ـ بالاتصال على الهاتف المجاني 800555.
إرساء قواعد السلامة الغذائية
يشير عبدالله جمعة الجنيبي، مدير إدارة العمليات الميدانية في الجهاز، إلى أن فرق التفتيش تبذل جهوداً مضاعفة للكشف عن المخالفين والمتجاوزين في حملات دورية مفاجئة، وحيث يتم رصد المخالفات وإبلاغهم بها لتصحيحها وتلافيها بالسرعة المطلوبة، وتوجيه الإنذارات، ومتابعة تنفيذها بدقة، ومن ثم اتخاذ الإجراءات الصارمة ضد المهملين منهم أوالمتجاوزين وفي حالة تكرار المخالفة قد يصل الأمر إلى حد إغلاق المنشأة.
ويؤكد الجنيبي أن الجهاز سيكثف جهوده من أجل ضبط عمل الملاحم ومنافذ البيع التي تتداول منتجات اللحوم المختلفة، حيث ستتم زيادة عدد العينات التي يتم تجميعها من اللحوم المفرومة والمصنعة من المحال المسموح لها بعرضها خلال الشهر الفضيل.
وأكد أن الجهاز به مفتشون متدربون على فنون ضبط المخالفات والتوعية والإرشاد، وأن عملهم يتم في إطار المودة والتوجيه الأخوي والنصح الصادق، حيث إن الهدف الارتقاء بمستوى أداء هذه المحال وتعزيز الصناعة المحلية وحماية المستهلك، إلى جانب تعريفهم بالقانون الغذائي في الدولة. فإن حكومة أبوظبي تنظر إلى قضايا الصحة العامة والسلامة الغذائية باعتبارها مسائل استراتيجية ذات أولويات قصوى، فلا أمن ولا استقرار ولا تقدم ولا مستقبل دون إنسان معافى صحيح البدن.
فالغذاء عصب الحياة الذي تحرص الأمم على تأمينه وتوفير الإمكانات للمحافظة على صحته وسلامته. ونحن نتطلع لإرساء قواعد السلامة الغذائية في الإمارة في كل المجالات المرتبطة بصحة الجمهور؛ وذلك لأن الفرد هو عماد التنمية، وأن سلامته الغذائية خط أحمر لا يمكن تجاوزه مهما كانت التحديات، مشـيراً إلى أنه قد انبثق عن الرؤية السديدة للقيادة الحكيمة اســتراتيجية بعيــدة المدى تأخذ بعين الاعتبار ترســـيخ مبادئ الســـلامة الغذائية لجميــع القاطنين في الإمارة وتأكيد رفع جودة المنتجات الغذائية المحلية والزراعية منها على وجه الخصوص” .
رؤية مستنيرة وتشريع وريادة
أُسس جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية بموجب قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله ليكون تعزيزاً للأفكار السديدة والرؤى المستنيرة التي تتجسد دائماً في مبادرات القيادة الرشيدة من أجل ضمان سلامة الغذاء ورعاية المستهلكين في المجتمع . وصدر القرار رقم (2) بشأن تأسيس الجهاز في شهر مارس 2005م، وذلك لحماية الإنسان من مخاطر الأغذية وضمان سلامتها وجودتها وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي وإجراء الدراسات والأبحاث اللازمة للمحافظة على سلامة الأغذية. وفي أبريل عام 2007م صدر القانون رقم “5” الخاص بتعديل بعض أحكام القانون السابق الذي تمت بموجبه إضافة سلطة إصدار اللوائح والتشريعات والقرارات المنظمة لأصناف الغذاء المعروضة أو المقدمة للاستهلاك الآدمي.
ويتألف الجهاز من عدد من القطاعات الحيوية والمهمة، وهي قطاع التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأداء، قطاع السلامة الغذائية والصحة الحيوانية، قطاع الخدمات المؤسسية، قطاع السياسات والأنظمة، قطاع الشؤون الزراعية، قطاع التطوير، قطاع البيطرة.
وكانت الرؤية المؤسسية للجهاز مع إنشائه عام 2005م تتمثل في بدء العمل على إعادة هيكلة الأنظمة الرقابية لمواكبة أحدث الممارسات الدولية في مجال الزراعة وسلامة الغذاء بغية تطوير الحياة النوعية للجمهور مما يسهم في رفاهية المجتمع، وإحداث التوازن بين حماية المستهلك وتسهيل حركة التجارة، وانطلاقاً من رسالة الجهاز بضمان غذاء آمن وصحي، وتطوير بنية تحتية تشريعية تهدف إلى وضع السياسات العامة والتشريعات الهادفة لحماية صحة المستهلك، بآليات عمل تعتمد الشفافية والنزاهة في تنظيم العمل المؤسسي، وتوضيح الدور الرقابي ومسؤولية القطاع الخاص، جاء وضع التشريع الأول والأهم، وهو قانون الغذاء لإمارة أبوظبي والذي صدر رسمياً في 20 يناير 2008م، لتكون بذلك إمارة أبوظبي صاحبة المبادرة على المستوى الوطني، ورائدة على المستوى الإقليمي في وضع القاعدة التشريعية الأساسية في مجال سلامة الغذاء.