الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لوحة تقترح نفسها

لوحة تقترح نفسها
12 مايو 2010 22:01
احتفت الأوساط الثقافية المغربية بالفنان التشكيلي والحروفي المعروف عبدالله الحريري من خلال تنظيم معرض لأحدث أعماله التشكيلية برواق “باب الرواح” الأثري بالعاصمة المغربية الرباط وهو المعرض الذي سهرت على تنظيمه ورعايته وزارة الثقافة المغربية وافتتحه وزير الثقافة الدكتور بنسالم حميش، وقد عرف هذا المعرض مشاركة مكثفة لعدد كبير من من الكتاب والشعراء ونقاد الفن التشكيلي المغاربة والأجانب. في هذا المعرض نلاحظ أن الفنان عبدالله الحريري صاحب التجربة التشكيلية التي تمتد إلى أكثر من أربعة عقود يحمل ذاكرته في قماشات تنطق بالجمال وتوظّفه وتمدد الضوء وتكثفه عبر تموجات لونيه زاهية تبعث الفرح في النفس، ولوحات الفنان الحريري تحمل بصمة قوية ومحفورة بعمق في ذاكرة التشكيل المغربي وتاريخه، ولهذا الرجل ذاكرة حادة تلتقط الألوان ليصنع لها الحريري تموجات تسبح في الإشارات والعلامات والرموز. فعبد الله الحريري في هذا المعرض يذهب عميقاً في تجريد خطابه التشكيلي كأنه يحاول أن يتخلى عن سوابقه التقنية والجمالية بما فيها “اللغة” الكاليغرافية الجميلة التي ظلت تطبع شخصيته الفنية والثقافية، وذلك من أجل بناء لغة بصرية خالصة لا تمثل بالضرورة المظاهر المرئية المباشرة للفضاء الملموس وتعبيرات العالم الخارجي. إنه ينأى عن تجاربه السابقة فيما هو يمنحها امتداداً طبيعياً، رحباً ومفتوحاً على المغامرة والتجريب. كأنه يوسع التفاصيل التجريدية التي كانت تشكل في أعماله الماضية خلفية أو وعاء لشغبه الكاليغرافي (الحروف وعلامات الشكل). كأنه هارب من الأشياء الملموسة إلى الأشكال الخفيفة وسطوة اللون وشساعة المساحة محتفياً بها في حد ذاتها، كما يقول الشاعر والناقد حسن نجمي في افتتاحية المعرض. ويرى الشاعر حسن نجمي أنه بالرغم “ما قد نراه من استمرار حروفي شبه مخبوء هذه المرة، يبدو واضحاً أن الحريري اختار أن يجرد أمتعته وخطابه وذاكرته، كأنما هو ينتقل من حياته المرئية إلى حياة أخرى لامرئية. يريد أن يمضي بعيداً في تجريب إمكاناته الإبداعية ليقدم لنا عالماً نعرفه ونفهمه، ويمكننا تفكيك وتركيب حروفه وعلاماته على مقاسنا”. إن الحريري يقدم باستمرار “عملاً مفتوحاً”. إنه يمارس حريته كاملة في تعديل العالم الذي يعيشه عن طريق اللون والشكل والإيقاع. وكأنه يهرّب إلينا عالمه السري في هذا المعرض، يقتسم معنا قصيدته البصرية لندرك معه العالم شعرياً”. والجميل أن الحريري يقول حسن نجمي: “يرسم بروحه الطرية، رحيماً بالمادة المخلوط ـ الكيميائية والنباتية ـ متنقلًا بين الأحجام المتوسطة والصغرى كشاعر يوزع أنفاسه على القصائد المطولة والوجيزة. تلك عادته حين يعثر في المادة على ما به يرسم سديم الكون أو يقتحم ضباب الأبدية”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©