دبي (الاتحاد)
أن تكون شاباً إسبانياً لا يتجاوز 17 عاماً، قادماً من كتالونيا صوب مدينة مانشستر لكي تنضم لمان يونايتد أحد أكبر أندية إنجلترا والعالم، وتتدرب على يد الرجل صاحب الشخصية القوية السير أليكس فيرجسون، وتحيا بصورة كاملة في إنجلترا فالأمر يبدو معقداً إلى حد كبير، حيث تفاصيل الحياة التي لا تتشابه بأي حال من الأحوال بين كتالونيا الدافئة على مستوى العلاقات والأجواء، ومانشستر القاسية على المستويات كافة، ويكفي أن الليل في المدينة الإنجليزية يبدأ الرابعة عصراً، فكيف لشاب صغير أتى من مدينة برشلونة التي لا تنام أن يتناغم مع هذه الحياة.
موقعة الليلة بين مان يونايتد وبرشلونة تتوافر لها بواعث المتعة الكروية والإثارة الجماهيرية والإعلامية، ويظل جيرارد بيكيه نجم الفريق الكتالوني وأحد أكثر النجوم تتويجاً بالبطولات، وحصولاً على الشهرة، وإثارة للجدل واحداً من أكثر الأسماء التي ترفع من سقف الإثارة في المواجهة المرتقبة، فهو ابن أكاديمية البارسا الذي رحل إلى مان يونايتد قبل أن يتجاوز 17 ربيعاً، وقبل أن يعرف الطريق إلى الفريق الأول في البارسا، وعلى الرغم من قسوة الحياة في مانشستر، إلا أن التجربة كان لها مفعول السحر في صقل شخصية النجم الإسباني، خاصة أنه صمد لمدة 4 سنوات في أجواء يصعب التأقلم معها.
بيكيه يكشف في إطلالته عبر موقع «منصة النجوم»، عن بعض أسرار الفترة التي أمضاها في مانشستر، حيث يؤكد أن فيرجسون جعله يعيش مع أسرة إنجليزية في بدايات قدومه لليونايتد، وذلك بهدف تعلم اللغة، والتأقلم على تفاصيل الحياة الإنجليزية، وعن ذلك يقول: لقد أصبح توني أبي، وليندا أمي، فقد قرر النادي أن أخوض معهما تجربة حياة كاملة في منزلهما، ومنذ الوهلة الأولى لقدومي لمدينة مانشستر أدركت أنني تركت في برشلونة أشياء لن أعثر عليها أبداً، فالطعام مختلف، ونمط الحياة لا يتشابه أبداً، لا أنسى الوجبة الأولى التي تناولتها مع عائلتي الجديدة، لقد تسببت كعكة الليمون الساخنة في تساقط دموعي.
وكشف بيكيه عن محاولاته المستمرة للتأقلم مع الحياة في مانشستر، وعلى المستوى الكروي لم يكن سهلاً أبداً أن يصبح أساسياً في فريق يضم الثنائي الدفاعي فرديناند وفيديتش، ولكنه على الرغم من ذلك خاض بعض المباريات والتي لم يتجاوز عددها 12 مباراة في البريميرليج، وبلغ مجموع مبارياته مع مانشستر 23 مباراة في 3 مواسم، فقد تمت إعارته في موسمه قبل الأخير لفريق ريال سرقسطة، ويتذكر بيكيه الخطأ الفادح الذي وقع فيه عام 2007 أمام بولتون، وتسبب في تسجيل أنيلكا هدفاً، وانتهت المباراة بهزيمة يونايتد بهذا الهدف، ويضيف: أخبرني السير ألكيس أنني سأكون لاعباً أساسياً في هذا الموسم، ووعدني بخوض 25 مباراة، ولكن الخطأ أمام أنيلكا جعله لا يثق في مرة أخرى أبداً، لقد كان مثل الأب بالنسبة لي، ولكنه لا ينسى مثل هذه الأخطاء.
وفي صيف 2008 عاد بيكيه للبارسا بطلب من المدرب الجديد في هذا الوقت بيب جوارديولا، لتبدأ مسيرته الكروية الحقيقية، فقد أمضى 11 عاماً بقميص البارسا حتى الآن، محققاً 27 بطولة، أهمها ثلاثية دوري الأبطال و7 بطولات للدوري الإسباني، فضلاً عن أنه أصبح أساسياً في صفوف المنتخب الإسباني الذي فاز معه بمونديال 2010 ويورو 2012، وخاض بقميصه أكثر من 100 مباراة دولية.
النجم الإسباني يعود الليلة إلى أولد ترافورد رجلاً ناضجاً بعد أن خاض على أرضه تجربة كروية مثيرة وهو شاب مراهق يؤكد أنه كان جيرارد في اليونايتد، وأصبح «بيكيه» في برشلونة في إشارة إلى فارق سنوات الخبرة، والشهرة التي حصدها، والمكانة التي وصل إليها في الوقت الراهن، ويكفي أنه يملك فرصة كبيرة لرئاسة البارسا في المستقبل القريب بفضل الشعبية التي يتمتع بها والعقلية الإدارية والاستثمارية التي يملكها.