«محيطات وبحار صحية، تمثل أساساً للاقتصاد»
سكوت بيترز، عضو مجلس النواب الأميركي
بعد «الاقتصاد الأخضر» الذي يبدو أنه صار قديماً، يأتي «الاقتصاد الأزرق» الذي يقوم على المياه الزرقاء الحاضنة لبر هذه الكرة الأرضية.
أصبح لهذا الاقتصاد قادة يجوبون الأرض من أجل حماية مياهها، وتوفير ما أمكن من وسائل لدفع الأذى عنها.
وغالباً ما يكون هذا الأذى بشرياً ينمو في ظل تضارب المفاهيم العامة لحماية البيئة (أي بيئة). استغرق الأمر عقوداً طويلة لكي يلتف العالم حول حقيقة وجود الخراب البيئي هذا، والاتفاق على استراتيجية عالمية لتحديد الخراب والحد منه.
بعض البلدان (وهي قليلة) لا تزال ترى أن لا علاقة للإنسان بمصائب البيئة، وأن أولئك الذي يقاتلون من أجل البيئة العالمية، ليسوا إلا حالمين أو مندفعين أو مبالغين أو حتى «رومانسيين»!
لا يهم الآن رأي البلدان القليلة هذه، بعد اتفاقية باريس الهائلة التي وقعت عليها كل الدول، مع استثناءات بسيطة جداً.
يتصدر ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز المشهد العالمي في الترويج لـ «الاقتصاد الأزرق»، وهو يقوم بتحركات لا تنتهي على الساحة الدولية، بما في ذلك جولته الواسعة التي شملت أخيراً عدداً من البلدان الواقعة في منطقة الكاريبي.
فالمسألة لم تعد تنحصر فقط في عمليات الصيد المفرطة، والتغير المناخي الخطير، والتلوث الحاصل من الناتج البلاستيكي، بل تشمل أيضاً كيفية الوصول إلى أفضل وضعية توفر أرضية صلبة للبناء الاقتصادي الأزرق، إنْ جاز الوصف.
مع التأكيد هنا على أن هناك بالفعل ما يمكن البناء عليه في هذا المجال، مدعوماً بالصناعات والخدمات، ليس آخرها السياحة.
الفكرة بسيطة وليست صعبة، وهي تقوم على الاستغلال المستدام لموارد المحيطات لدعم النمو الاقتصادي.
وهذا بحد ذاته سيمنح العالم أداة جديدة للوقوف في وجه التغير المناخي الحاصل، وفي تحسين الظروف العامة للبيئة هنا وهناك.
فقد ثبت (على سبيل المثال) أن ارتفاع مستويات البحار، يمثل تهديداً خطيراً ليس فقط للجزر القابعة في عرض مياه هذه الكرة، بل لكل البلدان التي تطل عليها بصورة كاملة أو محدودة.
وموارد البحار معروضة لمن لديه الإرادة على الانتفاع منها بأفضل الوسائل البيئية السليمة.
ومن هنا يمكن التأسيس على التحرك الجديد نحو «الاقتصاد الأزرق» الذي يمكن أن يشمل كل المناطق البحرية دون استثناء، وإنْ انطلق عملياً لحماية الجزر الصغيرة المنتشرة في الكاريبي، وبعض مناطق المحيط الأطلسي.
في العام 2016، دشنت الحكومة البريطانية برنامجاً يهدف لدعم الاقتصادات البحرية لدول يصل عددها إلى 17 بلداً.
وهذا البرنامج لاقى اهتماماً بالغاً من بقية الدول المؤثرة على الساحة العالمية، لا سيما تلك التي تسعى جاهدة بالفعل لتقليل الخراب الذي تتعرض له البيئة حول العالم.
وهذا التحرك مفتوح لمن يرغب في الانضمام إليه، طالما أن ذلك يوفر العوائد الاقتصادية المطلوبة والحماية البيئية المستهدفة.
يبدو واضحاً أن «الاقتصاد الأزرق» بدأ يأخذ مكانه (ولو بصورة متدرجة وهادئة) ضمن الاقتصاد العالمي.