شريف عادل (واشنطن)
بعد فشل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي في وقف انهيار مؤشرات الأسهم الأميركية، وعدم وجود قدرات كبيرة للبنوك المركزية في أوروبا واليابان للتدخل، حيث تقبع معدلات الفائدة لديها تحت الصفر منذ فترة، شرعت السلطات النقدية في العديد من الاقتصادات المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في طلب الدعم من حكوماتها، من أجل إقرار سياسات مالية ناجزة، تسمح بإنقاذ اقتصاداتها، وتوقف نزيف الأرباح لدى الشركات، بعد انتشار فيروس كورونا الجديد، وتعطيله الإنتاج في العديد من المناطق حول العالم.
ورغم تخفيض بنك الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة 0.5% الثلاثاء الماضي، في قرار مفاجئ خارج مواعيد الاجتماعات المقررة له لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، خسرت مؤشرات الأسهم الأميركية الأشهر أكثر من 3% من قيمتها خلال تعاملات الجلسات الأربع التالية لقرار الخفض وحتى نهاية الأسبوع، بعد أن بات واضحاً أن الأزمة الحالية ليست أزمة اقتصادية، وإنما هي أزمة صحية، أثرت في جانبي العرض والطلب على غير المعتاد، ومن ثم فقد استلزم الأمر تدخل الحكومات بأساليب غير تقليدية.
وفي حين ألمح جيرومي باول، رئيس البنك الفيدرالي، للصحافيين، بعد إعلان قرار التخفيض، إلى انتظاره دوراً تلعبه السياسة المالية في الولايات المتحدة، وفي الاقتصادات السبع الكبرى، مجموعة G7، خلال الفترة القادمة، أكد أندرو بايلي، محافظ بنك إنجلترا المركزي الجديد، أنه يفضل ألا يستخدم السياسة النقدية لبلاده من دون الحصول على دعم السياسة المالية من الحكومة، مؤكداً أن الموقف الحالي يعد من المواقف التي تكون فيها السياسات النقدية وحدها غير كافية.
وفي الأزمات الكبرى السابقة، كانت إحدى السياسات المفضلة للتعامل مع صدمات العرض قصيرة الأجل هي مساعدة البنوك للشركات، وإظهار نوع من التسامح في المطالبة بما يستحق عليها من قروض، من أجل تخفيف معاناة الشركات من انخفاض مبيعاتها وتراجع المستويات النقدية التي يمكن من خلالها رد القروض.
ودعا بنك الشعب الصيني خلال الأسبوع الماضي، البنوك الصينية إلى عدم التسرع في تصنيف القروض المتأخرة على أنها ديون سيئة Bad debts للشركات التي تعاني الأزمة، مع محاولة مساعدتها مالياً إنْ لزم الأمر. وفي الوقت الذي قد تتردد فيه الحكومات في الولايات المتحدة وإنجلترا في تقديم حزم مالية سريعة لإنقاذ الاقتصادات، لا يبدو أن الأمر سيكون من الصعوبة بمكان في الدول الأوروبية، حيث استقرت معدلات الفائدة عند مستوياتها السالبة، وتضخمت ميزانية البنك المركزي الأوروبي بفعل سياسات التيسير الكمي، وتباطؤ الاقتصاد في أغلب شهور الأعوام الأخيرة.ويرى أوليفيير بلانكارد، كبير الاقتصاديين السابق بصندوق النقد الدولي أن الاقتصادات الكبرى لا ينبغي لها أن تتردد في إنفاق 5 إلى 10% إضافية من ناتجها المحلي الإجمالي.