شجرة الأشخر
بعد أن أتم بناء المنزل، كان اهتمامه الأكبر متركزاً على حديقته وبما أن الحوش واسع وكبير، والمسكن لا يحتل غير جزء بسيط من المساحة الواسعة، ليس لأن الأرض شاسعة الاتساع، ولكن لأن قدرته المالية لا تمكنه من بناء مسكن كبير جداً وكثير الملاحق كما يفعل المقتدرون، ولكن بحد قدرته المالية الضعيفة بنى مسكنه، وجعل الحديقة هي التعويض الذي يمكن أن يسد حاجته وحلمه ببيت معقول السكن فيه.
حمل أطناناً من رمل الصحراء والزراعة، غرس أشجار نخيل والكثير من أشجار الزينة والأزهار والورود، وبعض الأشجار المحلية من تين ولوز وأشجار «الهمبو» و«الفرصاد».
أيضاً لم ينس أن يزرع في بعض الأركان والزوايا بعض الخضراوات، وأشجار الفواكه المحلية التي تظهر في المنطقة الشرقية، مثل المنجا «الهمبا» والموز والحمضيات.
فرح أن أشجاره قد نمت وكبرت أشجار النخيل وأثمرت وأعطت بسخاء وحب.
بعد زمن أجبرته الحاجة أن يؤجر هذا المسكن للأغراب، غاب عن منزله فترة طويلة، لم يهتم المستأجر بالأشجار والأزهار، فقد حوَّل هذا المسكن إلى قضاء وقته فقط أو إسكان عماله وإدارة شغله، حيث ينظر لهذه البلاد أنها بقرة حلوب أهم ما فيها حليبها وما تعطيه من نقود ومكان يمكن أن يحقق الثراء بأسرع ما يمكن.
فهو يعمر هناك، حيث جاء ويهتم بالبعيد وما يحوله من ثروة.
لم يأت ليسقي الأشجار ويقطف ثمار النخيل واللوز المحلي والتين، وغير مستعد أن يدفع فاتورة الماء على نباتات سوف يتركها في أي لحظة لو دارت الدوائر وتغيَّرت الظروف.
انقطع الماء، ماتت أولاً الأزهار والورود والخضراوات ثم ماتت أشجار التين واللوز والرمان، وفي الأخير سقطت أشجار النخيل وماتت واقفة وعطشاً.
لعبت الريح والقطط والجرذان بالمنزل بعد أن حوَّله ذلك المستأجر الغريب إلى مخزن لأدواته وأغراضه الخاصة والقديمة ومخلفات أعماله المتنوعة.
الغريب أن أشجاراً شيطانية كثيرة نبتت، مثل أشجار الغويف وأعشاب لا تنبت غير في الخرائب المهجورة وسط هذه النباتات الشيطانية نبتت أشجار الأشخر من تربة الصحراء وارتفعت عالية وأورقت وأثمرت حبات مثل المنجا وكأنها تتحدى الأشجار الشيطانية وتحمي الأرض.
إبراهيم مبارك | Ibrahim_M barak@hotmail.com