قصيدة للصف الثالث الابتدائي!
في كتاب اللغة العربية للصف الثالث الابتدائي، وضعت أنشودة جميلة، وطنية مرهفة تحمل حس الولاء والانتماء، لكن للأسف ليس للإمارات، بل لمدينة بغداد حاضرة العراق الغائب وراء الجراح. بغداد المدينة التي نحبها، منبع حكايات علاء الدين وبساطه السحري، و”علي بابا والحرامية الأربعون”، عاصمة الخلافة وأسيرة التاريخ، تلك المدينة العطرة بالماضي.. نحبها ونتمنى أن تستيقظ من تعبها لتعود متألقة للحياة.لكن ! كتاب اللغة العربية هذا يدرس لأطفال في الإمارات، ويدرس في المدارس الحكومية، أي لطلبة أغلبهم مواطنون، وموجه لصغار لم يتجاوزوا التاسعة من العمر، وهو السن الذي يغرس فيه الانتماء والولاء، فما الداعي إذا لقصيدة مطلعها:
بغـــداد يا مـدينـتي يا بهجــتي وعـزتي
كيف سيستوعب الطالب الصغير بيت الشعر الذي يقول :
فيك رأيت النور يوما وابتـدت طفــولتي
وفـوق عشـبه لعبت منشـداً قصـيدتي!
وتنتهي هذه القصيدة الجميلة ببيت شعر يقول :
بغداد يا حبيبتي يارب صن مدينتي
ونحن نقول مثل قول الشاعر: يارب صن بغداد.. لكن ألم تكن الإمارات أولى بقصيدة وطنية يحفظها الصغار، أولم يكن من الممكن أن توضع قصيدة تتغنى بنهضة بلادنا أو بشيوخنا الكرام؟.
ولنفترض عدم وجود قصائد مناسبة للصغار في كل تراثنا الحضاري الثقافي، سنتساءل أين قصيدة:
ألا طيري، ألا طيري وغني يا عصافيري!
غناء لحـــنه يشجي كألحان المزاميري
أو قصة أحمد شوقي الشعرية:
كانت النملة تمشـــي مــرة تحــــت المقطـــم
فارتخـــى مفصلهــــا من هيبة الطود المعظم
أو غيرها من القصائد التي حفظناها حين درسنا في المدارس وبقيت أبياتها ملتصقة بعقولنا لليوم، لم استبدلت بقصائد لا تنمي الولاء بين صغارنا، ولا تبث في قلوبهم حب الوطن الحقيقي “الإمارات”؟.
فن الأناشيد المدرسية له أهدافه وغاياته، هو ليس مجرد قصيدة على الطلاب حفظها والسلام، بل هي أناشيد منسقة بوقع موسيقي جميل تنمي في الصغار خلقاً معيناً ولها غايات نبيلة، أهمها إثارة عواطفهم تجاه هدف ما، كالعاطفة الوطنية أو القومية أو الاجتماعية أو الدينية.
في قصيدة “بغداد” التي فرض حفظها على طلاب الصف الثالث الابتدائي لا تتوافر أي الأهداف السابقة، فبغداد ليست مدينة إماراتية كي يكون الهدف وطنياً، والقصيدة لم تتطرق للعروبة، بل هي مخصصة لبغداد فقط، فانتفى القصد القومي، أما الهدفان الاجتماعي والديني فلا جود لهما على الإطلاق فيها. على وزارة التربية والتعليم إعادة النظر للمرة الألف في مناهجها فالأناشيد وسيلة تربوية يجب أن تستخدم بشكل صحيح خاصة وأنها تبعث الفرح في نفوس الصغار، ولها تأثير إيجابي عليهم ويمكن بواسطتها دعم التربية، وغرس الأخلاق النبيلة وتقوية شخصيات الصغار. لذا من المهم جداً أن يعاد النظر في وجوب حفظ هذه القصيدة على الأطفال، وفي وجودها أساساً بالكتب للعام القادم.
فتحية البلوشي