بينما آلة التدمير تدك البنيان وتطحن الإنسان، وتغربل الوجدان، وما بين هذا المتطرف وذاك المحترف في القتل يضيع البيان، ولا برهان غير مزيد من الأشجان والأحزان.. وفي خضم هذا المعترك التدميري، يبزغ نجم سهيل الإماراتي، محاولاً بكل ما أمكن التخفيف من لظى المعاناة، وتشظي القلوب الملتاعة، التي وجدت نفسها على حين غرة، ضائعة في صحراء التيه، لائبة في شعاب الأماني المفقودة، والمعاني المكدودة، والمشاعر المجلودة، والأبواب المسدودة، والحرية المصفودة، والقلوب المقدودة.. مخيم اللاجئين في الأردن، الميسم والبلسم ورشفة الحب لكل قلب محطم، ومعنى مهشم، يروي ويحتوي ويزرع الأمنيات الخضر مهما بلغت الصعاب، ومهما تعددت أسباب المأساة، ومهما تجاوزت النفوس الملوثة وساطت الناس سوط عذاب، فالإمارات تتداعى دائماً للصديق والشقيق، وتقف إلى جوار المشغوفين الملهوفين المكلوفين، والمغبونين والمكلومين، الإمارات لا تدخر وسعاً في الذهاب إلى حيث الحدث الجلل، لتساند وتعاضد وتساعد وترفع الضيم، وتقشع الغيم وتمنع الظلم، وبأخلاق النبلاء تبذل الجهد الجهيد كي تشرق شمس الحب على الإنسانية، ولكي يبزغ قمر الحرية في كل مكان من هذا العالم، الذي بات يعاني في كثير من مناطقه الأحقاد والضغائن والمحن، والكوارث التي يرتكبها البشر بحق آخرين، لا ذنب لهم إلا أنهم يعيشون في هذه المنطقة أو تلك.. ولكن طيور السلام، طيور إمارات الخير والوئام، ترفرف بأجنحة الحب لتعيد للإنسانية خيوط الالتئام.
مخيم الإمارات في الأردن، هو الحماية والرعاية والعناية باللاجئين السوريين الذين سقطت على رؤوسهم حمم الحرب المجنونة، وهذا الدعم الإماراتي لإخوة في الدم والدين، والهبَّة الأخلاقية تجاه إنسان تشرد عن أرضه، وبات يفترش التراب ويلتحف العراء، ولا عزاء له إلا وقوف أصحاب القلوب الرحيمة، والمعاني الكريمة والأيادي الممدودة دوماً لأجل سلام العالم، وسعادة الإنسانية، ومحاربة الفقر والمرض والجهل، والحقد والكراهية، والعدوانية بأخلاق إماراتية بحتة، وببصمة المؤسس وباني النهضة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيَّب الله ثراه”، وبنعيم الخلف الصالح خليفة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.. أخلاق إنسانية بنيت على أسس المعاني الرفيعة، والشيم العالية، والقيم الأشم، أخلاق تأسست على الإيمان بأن الإنسانية جسد واحد، “إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى”، فلا تردد ولا انتظار تودد، بل السعي بلا مِنّة ولا انتظار شكر، لأن المبدأ في بلادنا وأخلاق أهلنا “افعل الخير وارمه في البحر”، وما تقوم به الإمارات اليوم تجاه إخوة لنا ما هو إلا ضمن التوجه العام، والنهج القويم الذي تختطه بلادنا، وتؤمن به قيادتنا، وينفذه رجال أبطال آمنوا أن فعل الخير خير للنفس أولاً، وتطهير للذات وإعلاء لشأن الوطن، وترسيخ لمبدأ الناس للناس، ومن لا ينفع الناس لا ينفع نفسه.
marafea@emi.ae