لا دموع في الكويت
الكويت هي ملح بطولات الخليج، وهي صاحبة الألقاب العشرة، ومجرد وجودها في أي بطولة يعطيها زخماً وقوة، فكيف إذا كانت البطولة تقام على أرضها، وبعد سنتين ونصف السنة من إيقافها عن اللعب الدولي والآسيوي وحتى العربي، وبين خمسة وستين ألفاً من مشجعيها الذين نرفع لهم القبعة والعقال احتراماً، ليس لأنهم جاؤوا ليتابعوا مباراة أو اثنتين، بل لأن نوعية من حضروا هي التي تستحق الإشادة والتوقف عندها ليس في مقالة، بل في مقالات ومقالات.
عندما كنت أعيش في بريطانيا لمست مدى أهمية كرة القدم بالنسبة للمجتمع، وليس بالنسبة للذكور أو الصغار، أو الفئة العمرية بين 15 و40، كما هي العادة في غالبية دول العالم، وهي الفئة التي تحضر في الملاعب وتشجع أنديتها ومنتخباتها، وتعلمت هناك أن في كرة القدم هناك شيئاً يتوارثه الابن عن أبيه، وهو البطاقات السنوية لحضور المباريات وتذكارات الأندية وقصاصات الصحف عن الإنجازات التي حققوها، وأشياء لا يمكن لمسها بل الإحساس بها.
وفي الكويت شاهدنا سيدات فوق السبعين يحضرن مباراتي السعودية، ثم مباراة عُمان وشاهدت تحليلات كروية مدهشة في عمقها ووضوحها، وتستغرب أن تصدر من سيدات بهذا العمر، وما أدهشني أكثر أنه لم يكن هناك دموع، رغم أن الكويت كانت أول المغادرين لـ «خليجي 23»، بل كانت هناك كلمات تشجيع ومساندة ووقوف مع المنتخب الذي تجمع، قبل سبعة أيام من البطولة، ولم يلعب لا ودياً ولا تنافسياً ولا حتى تقسيمة، منذ نحو الألف يوم، لهذا كان حجم الغصة كبيراً، بأننا سنفتقد هذا الجمهور، فيما تبقى من أيام البطولة التي ستبقى عالقة في الذاكرة طويلاً، كونها البطولة التي أعادت الكويت للتنافس وأبعدتها عنه بنفس الوقت.