سرقوا قلمي..
كثيرة هي الأقلام وقلّة هم الذين يدركونها...كيان القلم ليس في الحبر الذي يسيل على الصفحات ولا في العلامة التجارية التي يحملها... ولا في شكل الخط الذي يرسمه...القلم هو تلك الروح التي تتحرك بفكر ينطق في فضاء الإبداع.. تختلف الأقلام باختلاف العقول التي تحملها... في عالم الورق تسرق بعض هذه الأقلام وتختفي تحت مسمّيات فضفاضة وتنظير مبهم في أحيان كثيرة!
البداية كانت في فصول الدراسة... صرخت في وجهي قائلة: «ولي مين كتب لك هالتعبير؟!»، أخذني الهلع من صراخها: «أنا أبلة»، هكذا أجبت مدرسة اللغة العربية وأنا خائفة لا أعلم سر صراخها في وجهي، أليس التعبير عملاً حراً يحتمل الخطأ والصواب، لمَ هي غاضبة إذن؟! استفهامي الطفولي لم ينبئني بأنني مقبلة على انفجار هذه المعلمة التي ما لبثت أن مزقت الكشكول «الدفتر». وأكملت تعنيفها: «الواجب ما تخلي حدى تاني يعملوا بتفهمي». لم أفهم في بادئ الأمر إصرارها على أنني لست من قام بكتابه التعبير الذي كان يتحدث عن سيرة رسول الله (ص).
لم تحاول التأكد إذا كنت من قام بهذا العمل أو لا. حكمت عليَّ، ورضيتُ بالأمر لأنها المعلمة ولديها السلطة «النجاح أو الرسوب». أصبحت عندما أكتب التعبير لا أقوم بتنسيق النص وترتيبه أو تضمينه بالمحسنات البديعية أو الاقتباسات، بل أقدم الفكرة منقوصة حتى أنجو من العقاب». لا مشكلة سأكتب كما يحلو لي ثم سأبتر أجزاء حتى تعتقد أني من كتب النص!!!»
سرقت قلمي أو ظننت يومها أنها فعلت ذلك إلى أن بدأت أكتب من جديد. لا نتوقف ولا نستطيع التوقف.. هي مرحلة كان يجب أن تطوى من حياتي، لكن وقفات الحياة كثيرة، و... عادت المعلمة بشكل مختلف لتقف أمامي، حين نظرت لشبيهٍ لها وهو يحاول أن يلغي ما وصلت إليه من مكانة لعلي أجد السبب لكن عبثاً؛ لا سبب، سوى قلم بسيط لمع أمامه وأراد أن يلغيه... لاح شبح المعلمة بصراخها وسقط ذلك النموذج الذي كنت أظنّه...لم أخافه ولكني خفت الظلم مجدداً.
لا عتب على مثل هؤلاء اللصوص؛ على العكس، في السرقة الأولى أدركت قيمة قلمي الصغير...واليوم أدرك أنني تأخرت في شراء قلم جديد يليق بتلك التلميذة...
الجهل موجود ولا مشكلة في وجوده، ما دام معروفاً، ولكن أدعياء المعرفة هم المعضلة، كيف لنا أن نتعرف عليهم...تُسرق الأقلام ولا تختفي الكلمات.. سنكتب في الهواء أن أحلامنا ليست للسرقة وأقلامنا ستعود...
حتما ستعود...
أمينة عوض بن عمرو
ameena.awadh@admedia.ae