البعض منا يلازمه العبوس في كل وقت وكل حال، يدخل بيته عابساً، ويعود إليه عابساً، ويذهب إلى عمله كذلك، وقد يكون ذلك طبعاً في الإنسان، وهذا ما لا يمكن تغييره، وسبحان الله في خلقه، فبعض الناس حين تراهم مقطبي الجبين، وكما يقال «بخمسين عقدة على الجبين» تظن وتتوقع أن كارثة تلوح أو قد حلّت، والبعض الآخر منا يظل عابساً نوعاً من اللباقة و«البروتوكول» كي تظل هناك مسافة فاصلة بينه وبين الناس، وخاصة من يكون مسؤولاً أو مديراً، فالعبوس لدى هؤلاء نوع من فرض الشخصية! وينسى هؤلاء «المتعبّسون» أنهم يضعون الحواجز أمام الآخرين، وأن النجاح لا يكون بالعبوس في وجه الآخرين، إنما يكون بابتسامة ينفذ بها المبتسم إلى قلوب الآخرين. ولأهمية الابتسام في التعاملات بين الناس، والابتعاد عن العبوس في وجوه الآخرين جاء العتاب من الخالق عزّ وجلّ لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، على إعراضه عن عبد الله بن أم مكتوم الأعمى في كلام مباشر وفي بداية سورة عبس «عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءهُ الأعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى» حين أتاه فجعل يقول يا رسول الله أرشدني وعلمني مما علمك الله وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من كبار المشركين، ولأهميتها سميت سورة عبس. إذا زوى الإنسان ما بين عينيه، فهو قاطب وعابس، فإذا كشر عن أنيابه مع العبوس، فهو كالح فإذا زاد عبوسه فهو باسر ومكفهر، فإذا كان عبوسه من الهم فهو ساهم، فإذا كان عبوسه من الغيظ وكان مع ذلك منتفخاً، فهو مبرطم.. وأرى أن معنى العبوس متوافقاً مع الدلالة اللغوية للعبوس بأنه الشيء الكريه عَبَسَ يَعْبِسُ عَبْساً وعَبَّس: قَطَّبَ ما بين عينيه، ورجل عابِسٌ من قوم عُبُوسٍ. ويوم عابِسٌ وعَبُوسٌ: شديدٌ وعَبَّسَ تَعْبِيساً، فهو مُعَبِّسٌ وعَبَّاسٌ إِذا كَرَّه وجهه، شُدِّدَ للمبالغة، فإِن كَشَر عن أَسنانه فهو كالِحٌ، وقيل: عَبَّسَ كَلَحَ. وفي صفته، صلى اللَّه عليه وسلم: لا عابِسٌ ولا مُفْنِدٌ؛ العابسُ: الكريهُ المَلْقى الجَهْمُ المُحَيَّا. والتَّعَبُّسُ التَّجَهُّم. وعَنْبَسٌ وعَنْبَسَةُ وعَنابِسٌ والعَنْبَسيُّ: من أَسماء الأَسد أُخذ من العُبُوسِ، وبها سمي الرجل؛ وقال القطامي: ومــــا غـــــَرَّ الغُـــــواةَ بَعَنْبَســـِيٍّ يَشَــرَّدُ عــــن فَرائِسِــــه السِّباعا والعَبَسُ ما يَبِسَ على هُلْبِ الذَّنَب من البول والبعر؛ قال أَبو النجم: كأَنَّ في أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ، مِنْ عَبَسِ الصَّيــف، قرونَ الأُيَّلِ من السـِّمَنِ وعَبِسَ الوَسَخُ عليه وفيه عَبَساً: يَبِسَ. وعَبِسَ الثوبُ عَبَساً: يَبِسَ عليه الوَسَخُ. وعَبس قبيلة عربية ينتمي إليها الفارس والشاعر عنترة العبسي: أنا فــــي الحـــــربِ العـــــــــوان غــــيرُ مجهــــــــول المـــــــكان أينمـــــا نـــادَى المنـــــــــــادي في دُجـــــى النَّقْـــــــــع يرَانــــي وحســـــــــامــي مـــــع قنــاتـــي لفعــــــالـــــي شــــــــــــاهدان أننـــــي أطعـــــنُ خصمـــــــــــي وَهْــــــو يَقْظــــــانُ الجَنــــــــانِ أســــــــــقِهِ كــــاسَ المنايـــــــا وقِراهــــــــا مـنـــــــــــهُ دَانــــي أشــــــــعلُ النَّـــــــــار ببأســــي وأطــاهـــــــــــــا بجــنانــــــــي إننـــــــي ليــــــثٌ عبُــــــــــوسٌ ليـــسَ لــي فـــي الخلــْق ثانـــي خلـــــــق الرِّمـــــحُ لكفـــــــــــي والحســــــــــــــامُ الهندوانـــــي ومعـــــــي فـــي المَهْـــــدِ كانـــا فـــــوْق صــــــــدْري يُؤْنِســــاني فــــــإذا مـــا الأَرضُ صــــــــارتْ وردة َ مــثــــــــل الـدّهـــــــــان والدّمــــــا تجـــــــــري عليهـــــا لونهـــــــا أحمــــــــرُ قـانـــــــي ? بالفصيح: لا تكلف الابتسامة كثيراً ولكن فعلها عظيم، وهي صدقة. Esmaiel.Hasan@admedia.ae