سالفة «دنجور»
لم يشغل أهل البلاك بيري شاغل هذا الاسبوع مثلما فعل المدعو “ دنجور” فهذا الشاب استطاع أن يفعل “ اللي محد سواه” كما قال عن نفسه في الفيديو الذي توزع منذ يوم الخميس الماضي ليشغل كل من تسلموه. وبوركت جهود رجال الشرطة الساهرين على أمن الوطن، الذين ألقوا القبض على هذا العابث ولم يسمحوا له ولأمثاله بترويع الآمنين حتى لو عبر تمثيلية انترنت “بايخة”.
الفتى عاشق الراب، موجود على النت منذ ثلاث سنوات، وله تسجيلات لأغاني تعود إلى ما قبل سبع سنوات، لكنه اقترب من خط الممنوع بأغنيته الأخيرة عبر تمثيلية صورها أصدقاؤه لعملية تعذيب مع صور مرعبة لأسلحة بيضاء. لم يعتد مجتمعنا المحافظ وجود أناس يهددون سلامة الآخرين علانية، حتى لو بمجرد أغنية راب، ولم يعجب الناس هذا التصرف خاصة وأن الآونة الأخيرة شهدت وقوع جرائم اعتداء بالسلاح الأبيض راح ضحيتها أبرياء بسبب تهور ورعونة حائزي السكاكين.
“دنجور” وأصدقاؤه ليسوا سوى حالة واحدة غريبة أفرزتها ظروف اجتماعية خاصة، ليسوا ظاهرة ولن يكونوا، والدليل على ذلك حجم النكات التي تداولها الناس حول الموضوع، وثقتهم الأكيدة بتدخل السلطات السريع ما يثبت أن التهديد الذي حملته الأغنية ليس إلا فقاعة من فقاعات عالم البلاك بيري.
تمثل هذه الحالة أحد إفرازات العولمة وألعاب الفيديو العنيفة التي يقضي الأولاد ساعات طويلة عليها دون رقابة الأهل، وربما تكون ضريبة القنوات الأجنبية التي تعرض أغاني الراب تصور مغنين يمسكون بالأسلحة البيضاء ويستعرضون قدراتهم القتالية التمثيلية في شوارع “شيكاغو” و”لوس أنجلوس”.
ولأن معظم شبابنا يقلدون بلا عقل، رأينا البناطلين المنخفضة الوسط، والشعور المنكوشة غير الممشوطة، وتلك المجدلة والقمصان ذات الجماجم والسلال التي تحمل أنيابا في نهايتها، ومن الطبيعي أن يتدرج التقليد حتى يصل إلى اقتناء “الرينق بوكس” وسوط الجلد وأخيرا السيوف والمطاوي وغيرها من أدوات البلطجة.
حصار ظاهرة الأسلحة البيضاء يبدأ من البيت عبر الحرص على اختيار المواد الاعلامية الجيدة التي تفيد الأبناء، والتخلص من القنوات التي تبث مواد قد تترسب في العقل الباطن ليقلدها الشخص بشكل أو بأخر.
كذلك مراقبة التعلق النفسي للولد بالمطربين الأجانب، خاصة أصحاب التقاليع والذين ينخرطون في ما يسمى ظاهرة “الايمو” أو أولئك الذين يتبعون خطى مشاهير لهم سلوك سيء.
وعلى الجهات المسؤولة الحرص على توفير أماكن جيدة يقضي فيها الشبان أوقات فراغهم والعمل على جعلها جاذبة لهم عبر توفير الحوافز المختلفة كالرحلات والجوائز أو حتى المقابل المادي.
الحفاظ على أمن المجتمع مسؤولية ليست مقصورة على رجال الأمن، بل يقع الجزء الأكبر منها على الأسرة التي يجب أن تحرص على حسن تربية أبنائها ليكونوا أفرادا صالحين ويساهموا في دعم أمن المجتمع عوضا عن تخويفه وإثارة المشاكل فيه.