مشيّ حالك .. سلك نفسك
المشكلة أن سبب الكوارث الكبيرة في مصر، والتي ضحاياها بالألوف، ترتكز على مبدأ مشيّ حالك·· سلّك نفسك ولولا هذا المبدأ لكانت الأمور أرحم والمسائل أسلم·
- الطائرة التي تحمل 3 أطنان، يريدونها بالعافية أن تحمل 4 أطنان ولولا قوانين الطيران الدولي الصارمة، لكان الألف كلغم ضمن سلّك نفسك·· ويا عم فيه رب كريم·· قول يا باسط·· بس وليست حملاً ووزناً زائداً يهدد سلامة الركاب·
- الباص الذي يحمل 30 راكباً، يمكن الناس أن تدبر نفسها وتمشيّ حالها ويصطك فيه مائة راكب وواقف وجالس ونائم في وضع غير آدمي، والكل على مبدأ معلش·· سلّك نفسك، مشيّ حالك، وراءنا عيال عايزة تعيش·
- البيجو أبو سبعة ركاب، يمكن أن يوسع سائقها في رزقه ويضيّق على الركاب، باقتناص راكبين زيادة من على الطريق العام، على مبدأ مشيّ حالك·· حتكسب ثواب، ووسع·· ربنا يوسع لك في رزقك·
- الناس البسطاء يبقون في المطار أو تحت الجسور لأيام، لأن موظف الحجوزات في وكالة السفر الصغيرة أراد أن يسلّك نفسه، ويورّط الركاب، وهناك لكل عقدة حلاّل، يدبروا حالهم في المطار، كل بمعرفته بس·· قولوا يا هادي·
- الغرفة التي تم حجزها في فندق كبير والتي من المفترض أنها تطل على النيل، وأنها أحلى أوضه في الشرق الأوسط، حين تحضر تجدها عادية، ولا يخصها بالشرق الأوسط الجديد، ولا تقع على مجرى نهر النيل أصلاً، ومطلة على سقف عمارة قديمة مزروع بـ الدشات وتوانكي الماي والتمديدات وعوائل ساكنة على السطوح ونشر غسيل ودخان طبخ، فتضطر أن تدبر نفسك وتسلّك حالك بكم دولار، وفجأة ترى النيل ولما يحضر الساكن الجديد والمحجوزة له هذه الغرفة، يدبر حاله·
- السيارة الـ ليموزين- نوفي تحجزها وأنت تتخيل طولها ورفاهيتها، وتظل تنتظر مقدمها عند باب المطار، وحين تهلّ، تتذكر سيارة الأستاذ محمود البهنسي الذي اشتراها بعد 12 سنة خدمة في ثانوي، وأنها ليس فيها ليمو ولا هي زين فلا تعرف كيف تدبر نفسك وعائلتك وحقائبك فيها، لكنك تضطر أن تسلّك نفسك، راضياً بكلمة السائق الطيب: نوّرت مصر يا بيه·· معليش·· هي مش قد المقام حبتين·
- قطار الصعيد يمكن أن يشتعل ويحترق بركابه، لأن هناك عائلة ليس لها مكان، فقام موظف القطار وأسكنها في فراغ غير مستعمل وسيظل هكذا حتى يتوقف القطار في القاهرة، فلماذا لا يسلّك نفسه، والرزق عايز الخفيّة فدبرت العائلة نفسها في ذلك الفراغ وأشعلت الحاجّة وابور الكاز لأن الحاج يريد شاي كشري من يد الحاجّة·
- قاعة المسرح التي تضم 150 كرسياً، يمكن أن يسلّك بائع التذاكر نفسه ويحضر 50 كرسياً إضافياً من الفرح الذي جنبهم، ويغلق على الحضور الباب ولا طوارئ ولا سلالم حريق ولا فتحات يتنفس من خلالها المشاهدون المحترقون·
- الملعب الكروي، يمكن أن يستوعب سكان القاهرة إذا ما قرروا رؤية نهائي كأس أفريقيا، ودائماً هناك شخص يريد أن يسلّك حاله، وهناك شخص يمشيّ حاله، وحين ينهار السور وتقع الكارثة، تجد الجماهير تهتف: ربنا ستر ولطف·· وما انهزمناش·
- العبّارة يمكن أن تستوعب سيارات أكثر بطريقة عكس عكاس وهذا من التدبير والتسليك، ويمكن أن تتحمل بأوزان أثقل، ما دام فيه رب كريم، ولما تحدث الكارثة يصرخ ذلك الموظف الغلبان عين وما صلت على النبي·· يا رب استر·
- لو تخلصت مصر من عبارة مشيّ حالك··المرة دي، معليش·· سلّك نفسك شويه لكانت أنقذت العبّارة··