تناولنا من قبل الخطوة المهمة لوزارة التربية والتعليم بإلزام المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء برفع العلم وأداء السلام الوطني للدولة. وأقول إن هذه مناسبة للتذكير بضرورة إزالة لبس يقع فيه كثيرون وهم يعتقدون أن النشيد الذي يردده طلاب وطالبات المدارس، هو النشيد الوطني لدولة الإمارات. وفي أكثر من مناسبة كتبت حول هذا الأمر، كنت أتلقى ردوداً من عدد كبير من القراء والقارئات تحمل استغرابهم لهذه المعلومة، وهم الذين أمضوا سنوات يرددون هذا النشيد بل وتمسكوا به لأنه يمثل مرحلة من مراحل تشكيل وجدانهم الوطني. ومن مظاهر الالتباس في الأمر، ما نراه عند عزف السلام الوطني في المباريات التي يكون طرفها منتخبنا الوطني في هذه اللعبة الرياضية أو تلك، حيث تجد بعض اللاعبين يرددون هذا النشيد، بينما يحجم آخرون عن ذلك، وتعتقد فئة من الجمهور أنها لا تحفظ نشيد بلادها ويمتد التباين حتى إلى أوساط الجمهور في المدرجات. والواقع أن نشيد «عيشي بلادي» ليس هو بالنشيد الوطني لدولة الإمارات، وإنما كان اجتهاداً من وزارة التربية حيث قامت بتركيب كلمات للحن السلام الوطني حتى يقوم الطلاب بترديدها، بحسب ما ذكر لي في مناسبة سابقة صاحب كلمات النشيد الشاعر والمربي الفاضل عارف الشيخ، الذي كان بعض القراء قد خلطوا بينه وبين الشاعر عارف الخاجة. وفي حوار مع الزميلة «ذا ناشيونال « نشرته يوم الجمعة الماضي تحدث الدكتور عارف الشيخ عن ولادة هذا النشيد في العام 1986، وقال إن وزير التربية والتعليم حينها طلب إليه تأليف النشيد على أن يكون جاهزاً أمامه في غضون ثلاثة أيام. وقال الشاعر إنه تمكن من إنجاز النشيد بعد ثلاث ساعات من اختلائه بنفسه والاستماع مراراً وتكراراً لموسيقى السلام الوطني، وردده ربما ستين مرة قبل أن يقدمه للوزير الذي أعجب به وأجازه - كما ذكر الشاعر- لترديده في المدارس. ومنذ ذلك الوقت وهذا النشيد بين أخذ ورد، وقد مر الحديث عنه في محطات، وقد كان من أبرز تلك المحطات التي مرت بالموضوع، تلك المسابقة التي أعلنت عنها وزارة الإعلام والثقافة لتأليف نشيد وطني، ولكن الأمر تبدد مع إلغاء الوزارة وظل الأمر معلقاً. حتى تجدد طرحه رسمياً في الدورة الأخيرة من دورات انعقاد المجلس الوطني الاتحادي، حين سئل وزير الثقافة عنه في يوليو الماضي، ومن دون نتيجة. واعتقد أنه قد حان الوقت لحسم مثل هذا الأمر المهم، وتوضيحه باعتباره مكملاً ضرورياً للقرار الذي اتخذته وزارة التربية والتعليم بإلزامية رفع العلم وأداء السلام الوطني في المدارس الحكومية والخاصة وحتى تلك التي تتبع الجاليات، والأمر حيوي ومهم أيضاً باعتباره من المظاهر السيادية من جهة، وباعتباره متناغماً مع الجهود التي تبذلها وتقوم بها الدولة من جهة أخرى، وهي تعمل وعلى المستويات على اعتماد وتبني مختلف الأدوات الخاصة بتعزيز وترسيخ الانتماء الوطني وتكريس الهوية الوطنية.