نسمع كثيراً عند الحض على التمسك بالشيء عبارة «عَضّوا عَليها بالْنّوَاجِذ» فما أصل هذه لغة؟ النَّواجذ: أَقصى الأَضراس، وهي أَربعة في أَقصى الأَسنان بعد الأَرْحاءِ، وتسمى ضرس الحلُم لأَنه ينبت بعد البلوغ وكمال العقل؛ وقيل: النواجذ التي تلي الأَنْيابَ، وقيل: هي الأَضراس كلها نواجِذُ. ويقال: ضحك حتى بدت نواجذه إِذا استغرق فيه. . وقول العرب: بدت نواجذه إِذا أَظهرها غضباً أَو ضحكاً. وعَضَّ على ناجذه: تحَنَّكَ. ورجل مُنَجَّذٌ: مُجَرَّبٌ، وقيل: هو الذي أَصابته البلايا، وفي التهذيب: رجل مُنَجَّذٌ ومُنَجِّذٌ الذي جرّب الأُمور وعرفها وأَحكمها، وهو المجرَّب والمُجرِّب؛ ويقال للرجل إِذا بلغ أَشدّه: قد عضَّ على ناجذه، وذلك أَن الناجذ يَطْلعُ إِذا أَسنَّ، وهو أَقصى الأَضراس. واختلف الناس في النواجذ في الخبر الذي جاءَ عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه ضحك حتى بدت نواجذه. وروى عبد خير عن عليّ، رضي الله عنه: أَن الملكين قاعدان على ناجذَي العبد يكتبان، يعني سنيه الضاحكين وهما اللذان بين الناب والأَضراس؛ وقيل: أَراد النابين. قال أَبو العباس: معنى النواجذ في قول علي، رضي الله عنه، الأَنياب وهو أَحسن ما قيل في النواجذ لأَن الخبر أَنه، صلى الله عليه وسلم، كان جل ضحكه تبسماً. قال ابن الأَثير: النواجذ من الأَسنان الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك والأَكثر الأَشهر أَنها أَقصى الأَسنان؛ والمراد الأَوّل أَنه ما كان يبلغ به الضحك حتى تبدُوَ أَواخر أَضراسه، كيف وقد جاء في صفة ضحكه، صلى الله عليه وسلم: جُلُّ ضحكه التبسم؟ وإِن أُريد بها الأَواخر فالوجه فيه أَن يريد مبالغة مثله في ضحكه من غير أَن يراد ظهور نواجذه في الضحك. قال: وهو أَقيس القولين لاشتهار النواجذ بأَواخر الأَسنان؛ ومنه حديث العِرْباض: عَضُّوا عليها بالنواجذ أَي تمسكوا بها كما يتمسك العاضّ بجميع أَضراسه؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: ولن يَلِيَ الناسَ كَقُرَشِيٍّ عَضَّ على ناجذه أَي صبَرَ وتَصَلَّبَ في الأُمور. أما «نجذ» في مقاييس اللغة فإن النون والجيم والذال كلمةٌ واحدة. النّاجِذ، وهو السِّنُّ بين الناب والأضراس. ثم يستعار فيقال للرّجُل: المنجَّذ، وهو المجرَّب. وبدت نواجِذُه في ضحكه. ويقولون: إنَّ الأضراس كلَّها نواجذ. وهذا عندنا هو الصَّحيح، لقول الشَّماخ: ولأنَّهم يقولون: ضَحِكَ حتَّى بدا ناجذُه، فلو كان السِّنَّ الذي بين النّاب والأضراس لم يُقَلْ فيه هذا، لأنَّ ذاك بادٍ من أدنى ضَحِ. يقول عنترة بن شداد العبسي: هلْ غادرَ الشُــّعراءُ منْ متــردَّم أم هلْ عرفــتَ الـدارَ بعدَ توهـمِِ يا دارَ عَبلـــَةَ بِالجــَواءِ تَكَلَّمــي وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلـَةَ وَاِسلَمي هَلّا سـَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ إِن كُنتِ جاهِلَــةً بِمــا لَم تَعلَمي يُخبرْك من شَهدَ الوقيعَة َ أنني أغشى الوغى وأعفُّ عند المغنمِ ومدَّجــــجٍ كـرِهَ الكُمــاة ُ نِزَالَـهُ لا مُمْعــــنٍ هَرَبـاً ولا مُسْتَســلمِ جادتْ له كفــي بعاجـل طعنة بمثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعــُوبِ مُقــَوَّمِ لما رآنــــي قَـــدْ نَزَلْـتُ أُرِيــدُهُ أبــــدى نواجــذهُ لغيــر تبسُّــمِ لما رأيتُ القومَ أقبــلَ جمعهـُم يتذَامـــــرونَ كـَرَرْتُ غَيْرَ مذَمـّمِ يدعون عنـترَ والرِّمــاحُ كأنهــــا أشــطانُ بئرٍ في لبـــانِ الأدهـمِ ما زلتُ أرميهـمْ بثغـــرة ِ نحــره ولِبانِـــهِ حتـــى تَسَــرْبلَ بالـدّمِ