فذلكة وحَذَلقَة ....
بين «الفَذلكة» و»الحَذلقة» قرابةٌ في اللفظ، تقتضي القرابةَ في المعنى.
وكنا قرأنا لك تَـحْتَ «الفذلكة» من قول المشتغل بالحساب: فذلك كذا وكذا». في مثل قوله: إذا جمعتَ كذا إلى كذا... فذلك كذا وكذا. فجاء نحتُ «الفذلكة». بمعنى: الحاصل - النتيجة.
ونحن في أسلوبنا المعاصر، نصف بها المنطيقَ الذي يستخلص المحصّلةَ المعرفيّة بالأُسلوب المنطقي في استقراء العلة بالمعلول، بمثل ما عليه المشتغل بالحساب. فهذا هو: «المفذلَكُ» - المتفذلِك»
- فكيف اشتقاق «الحذلقة» ... وما معناها؟
- جردّها من حرفيَ الزيادة / ل - ة / تصِلْ إلى المصدر «الحِذق» - بكسر الحاء، بمعنى: المهارة والبراعة في إتقان الشيء. فهذا هو الرّجل «الحاذق» المتمكّن من إتقان ما يعمل. فإذا كان اللسانُ أداتَه، يأخذ «الحذقُ» معنى: البراعة في الكلام.
وزيادة الحرفين / ل - ة / تستتبعُ زيادة في المعنى. فتعرف أن «الحذلقة» تعني المبالغةَ في «الحذق» بما يزيد عمّا في «المتحذلق» ... فتدخل في لغة» الادّعاء.
* - في أسلوب المتأدبين من الكتّاب، يخصّون الوصفَ «بالحذلقة والفذلكة» حصراً ببراعة اللسان. وفي سليقتنا العامة، نعّمم الوصفَ بهم، دون تخصيص. فالمُبالغ في التأنّق هندمةً... والمفرطة في التكيُّس تجملاً... والمتظرّفةُ في الطّبخ تبهيراً... وما على شاكلتها، تدخل - كلّها، في «الحذلقة» والفذلكة» من وجه الإفراط في المبالغة.
- ونفيدك أن لفظة / كَيّس/ لفظةٌ فصيحة، تجمع في معناها ممزوجَ الظّرف، والتأدَب والتهذيب... وزيادة الواو / كويّس / حشوٌ، على غير قياس. الفعل يائيّ: / كاس - يكيس - كيساً وكياسة / بمعنى: الظرّف والفِطنة والرّزانة. ومنه اشتقاق تسمية / الكيس / والجميعُ: أكياسٌ، للخِرقة من القماش تحفظ فيها النقود. أما «العِدْلُ» - بكسر العين، فاشتقاق تسميته من حالة «التعّادل» في تحميل الدابّة عدليَن متقابلين. فكلّ عدل «يعدل = يُوازن» العدلَ الآخر. فتعرف وجه تسمية «العدِيل» للمتزوجَيْن أختين. فهما سَواءٌ «بالتّعادل»!
فزوجَتَا الأخوَين، نسمّي واحدتَهما «سِلْفَةَ» الأخرى. وقد لا نتحقق «المعادلة» فتعدل إحداهما الأخرى. واشتقاق «السِّلفة - السِّلفِ» من «المُسالفة» في حالة المشاركة بين «مُتسالفيَـن» «يسلفُ - يُسالِفُ» أحدهُما الآخرَ، فتتحقق المساواة بينهما بالتناظر، بما ليس في التعادل.
* - سؤال: تسمع في كلامنا المحكي لفظة / الكَذْلَكةُ / ونَعْنِي بها: جماليّةَ التناسق. فهل لها موقع في الفصيح!؟
- تقرأ في الأصول أن «النّحتَ» ليسَ له ناظمٌ يقاس عليه. فهو قائمٌ على السّماع. وما حفظته الأصولُ من الألفاظ المنحوتة، هو في القليل النادر، فتهيَّتَ اللاّحقون القياسَ عليه. فانظر في «الفذلكة» وهي المحفوظة في الأصول، نحتاً من: «فذلك كذا وكذا» وقسْ عليها «الكذلكة» نحتاً من: «فذلك كذلك» لا تجِدْ في السليقة مُفَاعِلَ الاشتقاق الفصيح.
في النهاية أتمنى ألا يتهمني أحد «بالفزلكة اللغوية» بالزاي.
Esmaiel.Hasan@admedia.ae