في دراسة نشرتها “الاتحاد” تحذر جابريل بوش اختصاصية علم النفس ومدربة التنمية البشرية بمدينة هامبورج الألمانية من أن الرقابة المشددة من قبل المديرين على الموظفين تضعف الأداء وتقلل من قدرة الموظفين على الإبداع.
الموظف الذي يشعر أن مديره يقف فوق رأسه، ويحسب نبضاته وخفقاته وهمساته لا يستطيع أن يتحرر من الخوف، والخوف بحد ذاته يضعف القدرة على التركيز وضعف التركيز يؤدي إلى ارتكاب الأخطاء.. الموظف الذي يحسب أن سيفاً مسلطاً على رقبته يعاني من فقدان الثقة وضعف الشخصية وعدم القدرة على الاعتماد على النفس وبالتالي فإن مثل هذه الشخصية لا ينتظر منها الإجادة ولا ينتظر منها الصدق ولا ينتظر منها الاستمرار في عمل معين دون تهرب وإضاعة الوقت.
الكثير من المديرين يعتقدون أن الشدة تصنع الإتقان وأن الضغط يخلق الإبداع والالتزام وهذه نظرة خاطئة بل إن الضغوط النفسية كثيراً ما توقع الأخطاء وكثيراً ما تسلب الموظف قدرته على الخلق والإبداع.. هناك كائن داخلي في نفس كل إنسان هذا الكائن عندما يجد من يراقبه ويسلبه حقه في التفكير فإنه يتواطأ ويتعمد ارتكاب الخطأ بل ويمارس غياً أكثر من ذلك في أنه يقوم بحركة التمرد ورفض التعليمات وتجاوز النظم، هذا الكائن عندما يشعر أنه يعامل كطفل فإنه يقوم بممارسة أفعال الطفولة كرد قاسٍ ضد من يحملونه أوزار مرحلة تجاوزها ويفكر أن ينتقل منها إلى مرحلة أخرى.
المديرون الذين لا يعون النوازع النفسية لدى الأفراد فإنهم يدوسون على الأشواك ويجعلون من الحقول الخضراء أرضاً جرداء قاحلة مضمحلة، المديرون الذين يعتنقون فكرة التوبيخ الدائم واكفهرار الوجوه أمام الموظفين إنما يغرقون المكان الذي يديرونه بمياه ضحلة وطين وغبار وضباب لا يستطيع الأفراد أن يروا من خلاله أنفسهم وبالتالي تتوه أعينهم في غياهب الأحلام المؤجلة والطموحات مقصوصة الأجنحة فيفشل الجميع والنتيجة تكون صفراً.
نخلص من هذه الدراسة، إلى أن الموظف عندما يشعر بالمراقبة والتلصص فإنه يفقد جزءاً مهماً من ذاته ويشعر بضعف، ما يجعله يقاوم هذه المراقبة بأساليب تخالف قواعد العمل الوظيفي، وما من شخص يستطيع أن ينجح في عمل ما إلا إذا تسلح بالتشجيع والتحفيز الذي يضيف إلى آرائه صلابة وقوة وعزيمة.
وهذه هي الفكرة التي يقوم عليها تقاسم الهم والمسؤولية في أي عمل، فالمدير المسؤول ليس هو إلا عضو من فريق عمل واحد يتقاسم أفراده المسؤوليات، فإذا وقف المدير في برجه العاجي واستخدم رادار المراقبة فقط فإنه يضع حاجزاً مائعاً لأي مجازفة أو مبادرة من قبل موظفيه، إذ أنه يقتل الإبداع في عقولهم.
marafea@emi.ae