الموظف المبجل..!
حدثني أحد الزملاء بأنه ذهب لمراجعة مؤسسة من المؤسسات الخدمية في مجتمعنا، حيث جاء صاحبنا لينهي معاملته، في المرة الأولى قال له الموظف هناك نقص صورة شخصية، ذهب وأحضرها، وعندما قدم المعاملة في المرة الثانية، طلب كتاب لمن يهمه الأمر، قال له صاحبنا هل يمكن أن تكتب لي كل الأوراق المطلوبة دفعة واحدة، حتى لا أحضرها بالتقسيط؟ نظر إليه بتجهم، وأعطاه «بروشور» يحوي متطلبات المعاملة كان إلى جانبه، بعد نظرة التعجب!، ذهب صاحبنا إلى الموظف طبعاً بعد انتظار دوره، وعندما رأى رقمه على الشاشة، قام وجلس أمام الموظف المبجل، اعترض على ترتيب أوراق المعاملة، وبدأ يشرح الأول جواز السفر ثم…، لم يخف صاحبنا امتعاضه وغضبه بعد أن سمع الموظف يقول له رتب أوراقك ثم تعال…!
ألم يحدث معك، وأنت تقوم بإنهاء معاملة تخصك، أن تعطلت معاملتك لا لسبب، إلا لأنك واجهت الموظف المبجل وهو يقول لك: اترك معاملتك عندي وتعال بعد ساعتين، ثم يضعها على الرف وأنت تنظر بغضب مغلف بابتسامة قهرية، مع أنها لا تحتاج إلا لمراجعة سريعة منه.. ثم يحيلك إلى الشخص الآخر، ولكن كيف يشعر بأهميته، إلا إذا تكدست عنده المعاملات! وتجمع حوله المراجعون..
ذكرني هذا بقصة ربما معظمكم يعرفها، هي قصة سلطان الأباريق، وهي أن رجلاً كانت وظيفته هي الإشراف على الأباريق لحمام عمومي، والتأكد من أنها مليئة بالماء بحيث يأتي الشخص ويأخذ أحد الأباريق ويقضي حاجته، ثم يرجع الإبريق إلى صاحبنا، الذي يقوم بإعادة ملئه من جديد لقادم آخر وهكذا..
وفي أحد الأيام جاء شخص وكان في عجلة من أمره، فخطف أحد هذه الأباريق بصورة سريعة، وانطلق نحو دورة المياه، فصرخ به مسؤول الأباريق بقوة، وأمره بالعودة إليه فعاد الرجل ممتعضاً تلبية للنداء، حيث أمره مسؤول الأباريق بأن يترك الإبريق الذي في يده، ويأخذ آخر بجانبه، فأخذه الشخص ومضى لقضاء حاجته، وحين عاد لكي يسلم الإبريق، سأل الرجل مسؤول الأباريق: لماذا أمرتني بالعودة وأخذ إبريق آخر مع أنني لا أرى فرقاً بين الأباريق، فقال سلطان الأباريق بتعجب: لو تركتك ما وظيفتي هنا إذن؟! إنه يريد أن يشعر بأهميته وأنه يستطيع أن يتحكم وأن يأمر، وينهى، مع أن طبيعة عمله لا تستلزم كل هذا، ولا تحتاج لتعقيد، ولكنه يريد أن يصبح سلطان الأباريق!
سلطان الأباريق هذا تجده بيننا، وتجده في الهيئات، المؤسسات، الدوائر أو الوزارات، وربما تجده في معظم الأماكن الخدمية التي تحتك بمصالح الجمهور، على الرغم من أن الدولة تسعى بجهود متضافرة للتسهيل على الجمهور، وقد رصدت جوائز للمؤسسات التي تعمل على التسهيل وتقديم خدمة مميزة، إلا أن البعض يعكر صفو هذا السعي..
jameelrafee@admedia.ae