عز الرجال بلحاها!
مثلت اللحية والشارب في حياة الرجال دوراً كبيراً، وحظيت اللحية بالأهمية الكبرى على مر العصور والأزمان، فقد كانت ترمز لأمور دينية وسياسية وفكرية أو تخص فئة أو جماعة، أو تمثل موقفاً ضد الآخر، أو تميزاً عن الآخر، ولطالما اعتبرها الرجال جزءاً من هيبتهم، وإضفاء الجلال والاحترام عليهم، والأصل فيها أنها من الفطرة في التمييز بين الرجال والنساء بما وهبتهم الطبيعة إياها، ثم تأخر ابتكار الإنسان لأدوات الحلاقة، وشح المياه، وغيرها من الأمور، هي التي فرضت على اللحية شكلها الطبيعي، ومع التطور والرقي ظهرت أشكال كثيرة للحية وكذلك الشنب، لكن اللحية ظلت طوال فترات الحضارات المختلفة رمزاً للرجولة والفحولة·
معظم فلاسفة اليونان وخاصة سقراط، كانوا يتركون اللحية على طبيعتها، على الرغم من أن القياصرة كانوا يحلقونها، وكان ديدن معظم الفلاسفة اللاحقين أيضاً، وكذلك الشعراء، والأدباء، وبعض الفنانين، ولعل أشهر هذه اللحى، لحية الأديب الروسي تولستوي، والفيلسوف كارل ماركس، والأديب الفرنسي فيكتور هيجو، والشاعر الهندي طاغور·
ومن السياسيين من اتخذ لحى مميزة كالرئيس الأميركي ''الوحيد'' إبراهام لنكولن، والإمبراطور الألماني فيهليم، والرئيس الكوبي فيدل كاسترو، وقائد الثورة البلشفية لينين، والثائر تشي جيفارا، والزعيم الفيتنامي هوشي منه، والزعيم الروحي للثورة الإيرانية الخميني، أما السلاطين العثمانيون فلم يكن كلهم لديهم اللحى، وهو أمر انطبق على الزعماء والرؤساء العرب والدول الإسلامية بعد عصر النهضة، ولم يظهر أي زعيم عربي بلحية كثة، وطويلة في العصر الحديث، إلا صدام حسين في آخر أيامه، وهو الذي كان مثال الرئيس المهندم، صاحب اللحية الحليقة دائماً، أما العرب والمسلمون في عصورهم الأولى، فكانوا يرخون اللحى، ويحفون الشارب اقتداءً بسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم·
رجال الدين اليهودي والإسلامي ظلوا متمسكين بتربية اللحية، أما رجال الدين المسيحي ففي بعض المذاهب والطوائف فقط، خصوصاً رجال الكنيسة الشرقية·
اليوم هناك لحى تمثل شعوباً بعينها، فمعظم الشعب السعودي له لحية مطوقة ومميزة، يشترك القطريون والبحرينيون معهم، أما العمانيون فلهم اللحية الطليقة العريضة، أما الإماراتيون فيتميزون باللحية ''المخنيرة''، أما الصينيون فلهم اللحية التراثية القديمة على شاكلة لحية فيلسوفهم كونفشيوس·
أما صاحب أكبر شارب ولحية في العالم اليوم، فهي من نصيب الألماني بوكهارد، حيث يبلغ طول كل جانب من شاربه، حوالي متر ونصف، بقدر طول جناح نسر مسن·
الغريب أن الأتراك كانوا يعزون الشارب، ولا يوقرون اللحية، فقد منعوا جندهم من تربية لحاهم، ولكنهم كانوا يعطون علاوة تحفيزية لكل جندي وضابط صاحب كرش كبير!