عام جديد
عام جديد يطل، وأمنيات وآمال مرتجاة تهل، والأيدي مرفوعة والعيون متطلعة والقلوب متشفعة للذي سيأتي وعسى أن يأتي بخيره وفضله وعجلة الحياة رحى تدور وكل ينتظر دقيقه والدنيا حقل وكل ينحو صوب حصاده·
أمنياتنا للذين خسروا في سنوات العمر الفائتة أن يتنبهوا للقادم من الأيام، لأولئك الذين انكسروا أو كسرتهم الأيام أن تجبر لهم الأعوام القادمة ما انكسر وما اندحر، وما تبعثر من طموحات وأن يصبحوا على عام يشرق بحقول من الورود والريحان وأن تسطع الشمس في نهارهم بلا سحابات تظلل ولا تمطر، وأن يعانقوا سويعات من العمر مبهرة غامرة عامرة بالسعادة والهناء فالأيام دول وليس من ينكب في يوم تظل أيامه سوداء بل إن باب الرجاء مفتوح ومن يصب بكبوة لابد وأن يصحو على غزوة فيها الحصاد يانع والنور ساطع والأحلام احتلت مكان الكوابيس وصارت بهاء صفاء نقاء·
أمنياتنا لكل من يدب على هذه الأرض الطيبة أن ينتصر على الحزن، بنث المزن، وأن يظفر بالفرح والبهجة وينعم بالسرور والحبور، وهي الأيام هكذا لا يدوم فيها حزن ولا يستمر فرح، لكن إرادة الإنسان وعزيمته كفيلتان، بأن تضعا الحزام الأخضر في كل درب، يطرقه وحول الحزام وشاح الورد يفوح بعطره وعبيره·
وإذا كانت النجاحات لا تؤخذ بالتمني فقط فإن صلابة القلب ورحابة النفس هي الطريق إلى كسر ذلك الحاجز السميك، المسمى بالانكسار والولوج في أنهار تبلل الصدور بماء عذب فرات·
أمنياتنا، هي أخلاقنا وقيمنا في التعامل مع الظروف الحالكة وإنارة الدروب المظلمة بلا امتعاض أو بأس فلا يأس مع الحياة، ولا يأس يكسر الرأس، طالما هنا رأس يفكر ويدبر، ويتبصر، ويصبر، على الخطوب والملمات·
أمنياتنا أن الإنسان هو القوة التي لا تخذلها عقبة ولا تمنعها كبوة فهو القامة السامقة الرفيعة، التي تعلو أغصانها على كل جدران الكآبات والسحابات الصيفية··
أمنياتنا، لكل المحبين العاشقين للحياة القابضين على جمرة الهوى الرابضين في القلب، الحادبين في كل درب، أن تحبل أيامهم ببذرة وزهرة، وأن ينحسر الذي كان ويكون الغد أبهى وأزهى وأنقى وأصفى وأشهى وأرقى··
أمنياتنا أن تندحر الحروب الجماعية وتندثر المعارك الفردية ويرتفع صوت القيم والشيم والنخوات الإنسانية، وتسير القوافل بلا تربص أو ترقب، والسلاح هو المعرفة النازفة من عقول تعرف كيف تغرف من معين وكيف تعزف على وتر الحياة··
أمنياتنا ·· طموحات لا تقر ولا تستقر إلا عند الجبال الشم·