مسؤول ثقافي
أقول له إصداراتكم جميلة لكن لا يتم توزيعها بشكل كافٍ، فالكثير من الأشخاص المهتمين يبحثون عنها ولا يتحصلون عليها، يقول بالعكس هي موزعة في كل المكتبات ومتواجدة في كل المحافل والمعارض. أقول له فعالياتكم مهمة لكن لا يتم الإعلان عنها بشكل كافٍ ولا يتم توجيه الدعوات للمهتمين بحيث يثرون الفعالية بالملاحظات والتعليقات التي ستسهم في تطوير الدورات المقبلة منها، فلا يحضرها سوى عدد محدود، يقول بالعكس نعلن عنها بكل الوسائل ونوجه الدعوات للآلاف من المهتمين. أقول له كان يمكن أن تكون اختياراتكم في الترجمة لكتب أكثر قيمة وأهمية، يقول بالعكس لا نترجم إلا الكتب القيّمة، أقول له هناك مشكلة في إقبال الشباب على القراءة ربما نحتاج لابتكار وسائل جذب جديدة للكتاب، يقول بالعكس الشباب يقرؤون بكثافة، أقول له محتوى الندوات كان يمكن أن يكون أفضل لو تمت دراسة الأوراق النقدية المقدمة بشكل دقيق أكثر، يقول بالعكس كل الأوراق يشرف عليها مختصون مهرة. أقول له الرقابة تمنع كتباً استقبلتها باقي الدول المجاورة بكل أريحية، يقول بالعكس الرقابة مرنة جداً ولا توجد كتب ممنوعة، أقول له نحن في فصل الشتاء يقول بالعكس إنه الصيف، أقول له إنها سنوات المحل، يقول بالعكس إنها تمطر.
هكذا للأسف يعتمد بعض المسؤولين سياسة إنكار وجود المشكلة كسبيل وحيد لحلها. فيفضّلون رؤية الصورة بيضاء كاملة بدلاً من محاولة تنظيف البقع السوداء في الزاوية. يقول لي لا أحد غيرك ينتقد، أتطلع إلى كل «الأحد» أسألهم: هل أنتم راضون تماماً؟ يقولون همساً: لا. أسألهم: لماذا لا تعلنون ملاحظاتكم؟ يقولون: لم يستشرنا أحد، ونعرف أنه لن يسمعنا أحد.
وهكذا الصمت الذي ظنه المسؤول دلالة رضا ما هو إلا علامة يأس وإحباط. عزيزي المسؤول الثقافي: لا تخف، نحن نحبك ولا نريد أذيتك في منصبك مصدر رزقك، نحن فقط نحب ما تقوم به ونريد أن نساعدك في أن نجعله أجمل. لا نريد من وراء ذلك جزاءً أو شكوراً، نريد فقط حين يتردد اسم فعالية ترعاها أو مشروع ثقافي تتبناه باسم هذا البلد أن يُشار له بالبنان إعجاباً وانبهاراً، ونريد للمتربصين أن يحفوا بحثاً عن الثغرات فلا يعودون سوى بخيبة أملهم.