المستهلك الواعي ··كيف ؟2
من حق أي فرد في المجتمع أن يكون مستهلكاً واعياً ، هذا أولا، أما الأهم من ذلك والاساس الذي ينبني عليه هذا الوعي فهو التربية المجتمعية وسيادة ذهنية عامة تعي مصالحها جيدا وتعرف حقوقها وتطالب بها، ومن ثم تدافع عنها حين يقتضي الأمر ذلك، وبلاشك فإن حق توافر المعلومات والحقائق حول البضائع والسلع من أهم الحقوق التي يتوجب أن تتوافر لنا كمستهلكين ، فإن لم تتوافر صار لزاما أن نطالب بتوفيرها دون أن يساورنا ادنى شك بحقنا في ذلك ، أما عقلية الخجل والحياء غير المبرر وثقافة الصمت السائدة بيننا فإنها لا تؤسس لأي وعي ولا تراكم أي ثقافة ·
لم تتبن جمعية حماية المستهلك أي برنامج تعليمي يمكن أن يدخل ضمن مناهج وزارة التعليم مثلا ، أو أي برنامج تلفزيوني توعوي تثقيفي على مستوى الإمارات ولم تدعُ الى تفعيل الحملة الدولية لليوم العالمي لحماية المستهلك الذي يصادف يوم الخامس عشر من شهر مارس كل عام حسب اجندة الأمم المتحدة التي اختارت له هذا العام أن يكون تحت شعار''تحديات الأغذية الموجهة للأطفال'' وهو الشعار الذي اختارته المنظمة الدولية للمستهلك للعام الثاني على التوالي بهدف الوقوف أمام جملة التحديات التي تواجه المستهلكين وخصوصاً شريحة الأطفال ، والانتهاكات التي يتعرضون لها في كل ما يتصل بحياتهم الغذائية والاستهلاكية ·
لقد كان على الجمعية عندنا هنا في الامارات أن ترفع الصوت عاليا لتفعيل هذا اليوم لسبب بسيط جدا - اضافة لأن هذا دورها - وهو أن الشعار الذي اختير للعام الثاني على التوالى له علاقة ماسة بمجتمعاتنا الخليجية حيث تقر الامم المتحدة بوجود 22 مليون طفل مصابين بالسمنة في العالم أكثرهم في دول الخليج حيث مجتمعات الوفرة المادية والعاطفة المتدفقة التي تجعل الاستجابة لطلبات الاطفال أمرا بدهيا من قبل الآباء دون وعي منهم ، ودون أي تحسب للنتائج الخطيرة على صحة أبنائهم !!
إن تقليص أدوار جمعيات النفع العام - ومنها جمعية حقوق المستهلك - وعزوف افراد المجتمع عن المشاركة فيها نتيجة موجات متتالية ومتوالية من الصراعات والانحسارات وخيبات الأمل التي عززتها بعض التدخلات وبعض الادوار المشبوهة لبعض الاشخاص ، قاد الى حرمان المجتمع الاماراتي من جهود هذه الجمعيات ، ومن تكوين تراث متراكم من الفعل الاجتماعي الجمعي والواعي الذي يخدم الافراد والمجتمع معا ·
إن كثيرين وكثيرات ممن حضروا ملتقى المجلس الأعلى لشؤون الاسرة بالشارقة صباح الاربعاء أكدوا انطلاقا من حرصهم لا أكثر على غياب دور جمعية حماية المستهلك ، وبأنهم لا يشعرون بتأثير وفاعلية هذا الدور في الحياة العامة ، كما انهم في كل ما يواجهونه كمستهلكين من حالات احتيال وخداع واشكالات مختلفة لا يجدون أي دعم يذكر من قبل الجمعية كما أنهم يشككون في قدرتها على الدفع باتجاه قوانين فاعلة وواضحة في هذا المجال نظرا لمحدودية دورها وتهميش هذا الدور نظرا لإمكانياتها المالية والبشرية المحدودة وغير ذلك ، وهنا يضع البعض اللوم ثانية على الإعلام باعتباره رافعة الوعي الأهم في المجتمع ، وعلى اعتبار جماهيريته وانتشاره ، إلا أن دوره ضئيل هو الآخر في رفع مستوى ثقافة الاستهلاك الواعي المقنن ، وتبني الدفاع عن حقوق المستهلك ونشر الوعي الضروري المؤدي في نهاية المطاف الى إيجاد المستهلك الواعي والحكيم والرشيد