من غشّ غشّ نفسه
يقوم البعض بابتكار أساليب جديدة في الغش التي تدل على إبداعهم، ولكن للأسف لاتخاذ تلك المبتكرات كوسيلة للغش، ولو أن أفراد تلك الفئة وظفوا أفكارهم وإبداعاتهم في الأمور التي خدعوا المجتمع فيها، كالامتحانات الدراسية أو التجارة أو غيرها من الأمور الحياتية لوصلوا لتحقيق ما يطمحون فيه، ويودون أن يوصلوا إليه دون غش. ولا يختلف الغش التجاري عن الغش الدراسي فالأول يطمح لتحقيق الربح المادي، والآخر يطمح للحصول على الشهادة تؤهله لشغل وظيفة قد يكون غيره أولى بها.
ومنذ سنتين، حدثني أحد الشباب العاملين في القطاع الخاص، عن الطرق والوسائل المتبعة في بعض الشركات لتحقيق أعلى معدل من الربح، حيث أخذ يقص علي الطرق التي يتم من خلالها التحايل على المستهلكين. وكان مثاله بالتحديد عن الملابس، حيث يعتمد بعض الموردين على استيراد بعض القطنيات من الدول الآسيوية، وكما هو متعارف بين التجار والتي تتميز برخص أسعارها، ولكن لتحقيق ربح أعلى يلجأ المخادعون إلى طباعة دمغة مكان الصنع في مكان آخر.
مما يعطي للتاجر الحق لنفسه في زيادة أسعارها ألفاً بالمائة، ومن غير مبالغة فالنسبة صحيحة لأن المثال الذي قصه لي الشاب يدور حول «جراب قطني لا يتجاوز سعره درهمين ونصف الدرهم، يتم بيعه في أحد المراكز التجارية الكبيرة بـ 150 درهماً وأكثر، لأنه كتب عليه صنع في... (والباقي عندكم).
وغش من نوع آخر، حيث خلال وجودي بين عدد من المعلمين العاملين في قطاع التدريس، سردوا لي بعض مواقف وأساليب «الغش» التي تعرضوا لها خلال مراقبتهم للجان الامتحانات الماضية. وأحدهم أخبرني أنه تعرض خلال مراقبته في اللجنة التي حضروا فيها طلاب التعليم الكبار، أن عمر أحدهم تجاوز الخمسين أو أكثر بقليل، وكان المراقب يسمع أنيناً في اللجنة، وكلما اقترب من ذلك الطالب ينعدم الصوت، إلى أن اكتشف أنه يتحدث مع آخر من خلال سماعة صغيرة بالكاد يمكن أن يراها أحد، ولونها قريب من لون الجلد البشري، حيث عمل ذلك الطالب على توظيف التكنولوجيا للغش، ولو كان قد شغل باله وفكره في المقرر لكان قد حقق نتائج مبهرة وتجاوز ذلك الامتحان بنجاح. وطريقة أخرى في استخدام التكنولوجيا للغش من خلال بعض الهواتف الذكية وبرامجها «كالبرودكاست والوت ساب والدي بي» وغيرها التي لا أستطيع حصرها ولا حتى أعرفها. وآخر القصص أخبرتني معلمة أن إحدى الطالبات كانت تعتمد على الغش في الإجابة على الامتحان التي كانت تراقب فيه، وحينما أوقفتها وضبطتها متلبسة بالغش، أخذت الطالبة تبكى وتصيح وتردد أن زوجها سيطلقها في حال عدم نجاحها، ولا تدري المعلمة الكريمة أن الطالبة قد استخدمت ما هو أقوى من التكنولوجيا ومن الابتكارات في الغش فهي قدمت على استخدام العاطفة لاستمالة قلب المعلمة، لعدم حرمانها من الامتحانات.
halkaabi@alittihad.ae