ليتنا متعادلان، وجهي مرآة وجهك وروحي جناح البداية. أنا اليمينُ حيث بقايا الحطام ولعنة التاريخ يشعلها كارهوه، وأنتِ اليسارُ حيث الفكرة بالكاد تخرجُ من دوائرهم فيرمونها كل يوم بحجر. وأنا البحرُ أزرق في الرحيل، وأنتِ الرملُ أخضر في تلال جناتٍ حلمنا لو ننام على عشبها ساعة الوعد. وأنا أركض في القصيدة وأخرج من بياض عينيها لأرتوي من لطف سركِ، وأنتِ ستار السريرة. هل تكلمنا، هل تبادلنا الظلال لنعرف من منا ينتمي للضوء وقت يغيب قمر المسرات ولا نجد في ضحك نجمته مبتغانا. قولي ما تيسر من صمت الملامة، وأكثري من نشيد النسيان حين يضع القتلة وصمة العار على رسائل ما كتبناه. وُلدنا كي تتوازى كفة الميزان، أنا من رمل شقي، وأنتِ من رذاذ كريستال. ويدك غلوّ حنّاء، ومعصمي قيدٌ ورجلي سلاسل منع. هكذا مشيتُ حين نهبوا من أفق اشتياقي دوربكِ، وهكذا ركضتْ كلماتي على دفاتر قالوا سنحرقها إن بُحت بالجمر. وما عرفوا أن ظلالي مرت من بينهم وهم نيامٌ في جرس الوهم. وأن حروفي تسرّبت من تحت أبواب أحكموا إقفالها وعلقوا مفاتيحها في رقاب سدنةٍ متجهمين. ليتنا اختفينا يوم مر الضوءُ يغسلُ الطرقات من الرمم. وليتنا تعانقنا في ركنٍ هاربٍ وخرجنا عليهم آفتين ضد الخنوع. هل حقاً تعارفنا. هل قلتُ من أنا بفمٍ مكمم وعينين جاحظتين في ساعة الخوف. وهل سمعتكِ، وأنا رمز للصمم. لا. لم أقل بعدُ ما نقشته يداي على المنحدرات وأنا أصعد مجدا أن ينفوني. ولم تهدأ عقارب ساعتي من لسعِ أرجلهم وهم يمرون في عبث ويدُوسون على ما رسمته لي الريحُ. كلهم في جهة الطيّ، وأنتِ في جهة انعكاسي. كلهم في رزمة الموت، وأنتِ أول ما يجعل الحياة جنّة ما سيأتي. وسواء تعادلنا في قسوة ظلمهم، أو نهبنا الحرية ولبسناها ستراً لعوراتنا، سيظل الحب مصيبة غيرنا. وسنرى كيف تنهدّ حصون الجهلة حين يكتب عاشقان مثلنا اسميهما على ورقةٍ ويطلقانها نسراً في غرور العاصفة. وهذا العود، العود الذي كسرناه من غصنٍ يابس وكتبنا به على الرمل سيرة أننا أبناء الحياة، لن ينكسر تحت وقع سيوفهم، وسنغرسه رمحاً في عين اليأس، وربما رفعناه رايةً لضوء أغانينا المقبلة.