بعدما تساءلت سوريا مندهشة ومتعجبة عن معنى الشبيحة، وما يقصد بهذا المصطلح، في ردها على جامعة الدول العربية، رأيت أن أبين للقارئ الكريم الذي بالتأكيد قد لا يعرف معنى الشَبّيح والشَبّيحة، كما هي حال سوريا، فقد ظهرت الكلمة كمصطلح سياسي، وشاعت لأول مرة إبان الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، حيث ظهر أفراد تابعون لمالك الأسد يقومون بأعمال النهب والترويع والترهيب والتهريب، وعرفوا بشبيحة الحرب، وفي فترة نظام حافظ الأسد ظهروا منسوبة لهم التصفيات السياسية للخصوم، لكن اللفظة في الأساس من مفردات أهل الساحل السوري، حينما أطلقوا على مجموعة من المسلحين غير النظاميين شكلها ابن أخي حافظ الأسد، نمير الأسد، وهم يماثلون البلطجية في مصر، والبلاطجة في اليمن، والتي هي تركية الأصل، فالبلطة هي الفأس التي يقطع بها الشجر، ومن يستخدمها يسمى “بلطجي” مثل قهوجى وبوسطجى، ويقابلها الزعران في الأردن، ومرتزقة القذافي في ليبيا، والـ”كلوشار” في تونس، والفداوية في الكويت، والمخاوية في السعودية، والمطارزية في الإمارات، - مع الاختلاف في الدور والمهام- والشبّيح هي صيغة مبالغة لاسم الفاعل على وزن “فَعّيل” بدلا من “فَعّال” ويقصد بها صيغة مبالغة المبالغة، وقد جاء في تاج العروس في مادة شبح: “الشَّبَح محرَّكاً: الشَّخْصُ، ويُسَكَّن جمعها أَشْبَاحٌ وشُبُوحٌ، وهو ما أَدْرَكَتْه الرُّؤْيةُ والحِسّ، والشَّبْحَانُ: الطَّوِيلُ من الرِّجَال، ورَجلٌ شَبْحُ الذِّراعيْنِ ومَشْبوحُهما أَي عَرِيضُهما أَو طَويلُهما، وتأتي شَبَحَ بمعنى شَقَّ رأْسَه، والجِلْدَ أو الإِهَابَ: مَدَّه بين أَوْتَادٍ، وشَبَحَ الرَّجلَ بينَ شَيْئينِ، جعله كالمصلوب، وشَبَحَه إِذَا مَدَّ المضروب ليَجْلِدَه، وشَبَحَ يدَيْه: مدَّهما للدُّعاءِ، وشَبَحَ لك الشيْءُ: بَدَا، والشَّبحُ: ما بدا لك شَخْصُه من النَّاس ومن الخلْق، شَبَحْ العُودَ شَبْحاً إِذا نَحتَّه، والمشْبوحُ: الرجل الضخم البَعيدُ ما بين المَنْكبَين، ونَزَعَ سَقْفَ بيتِه شَبْحةً شَبْحةً، أَي عُوداً عودا، ويشبح الشيء أو الناس، بمعنى يرصد ويرقب، وربما يهجم أو يمزق. إذاً الشبيحة، ليسوا هم باعة الورد، ولا هم ممن يعتنون بالزرع، ويسقون الحدائق العامة، أو يشاركون الفلاحين في زراعة القمح وحصاد الشعير أو يمكن أن يشتغلوا مصففين ومزينين لشعور النساء أو حتى باعة عطور، ليسوا كما يشاع عنهم أنهم الوديعون كالحملان الذين يؤكل عشاؤهم، ولا يحركون ساكناً، بالتأكيد ليسوا من أصحاب التفكير والتدبير، ولا الحلم ولا النخوة، مخلصين ما دام المال يجري بين أيديهم، مطيعين ما دام باب الاسترزاق والسرقة مفتوحاً، يمكن أن ينطبق عليهم معنى الاستزلام من زلمة فلان أو تابع له أو كلبه الذي ينبح عنه بالإيجار، لم يعرف عنهم أنهم كانوا يوماً من حجاج بيت الله أو ممن يكثرون الصلاة على نبي الله، غير ميّالين للأناشيد الدينية والأغاني العاطفية، يمكن أن ينطبق عليهم المصطلح الأميركي “وُلد ليَقتل” أعمارهم قصيرة أو مقصوفة! ناصر الظاهري | amood8@yahoo.com